الطاهر ساتي

تخطيط و..(كمان إستراتيجي)

[JUSTIFY]
تخطيط و..(كمان إستراتيجي)

** ومن مهام (الألفة)، بجانب تسجيل أسماء (المهرجلين)، تسجيل أسماء الغائبين أيضاً، ثم تقديم قائمة الغياب والتهريج لناظر المدرسة أو وكيلها أو مشرف الفصل، لغرض العقاب ..وكان مشرف الفصل دائماً ما يختار أسمن التلاميذ أوأطولهم لهذه المهمة، ولذلك كان الألفة مهاباً ومخيفاً..كنا نتودد إليه ونتزلف، ثم نجتهد في أن يكون صديقاً، وذلك بتقديم بعض الهدايا والرشاوي بين الحين والآخر، مقابل أن نغيب يوماً بلا علم الإدارة أو ليشطبنا من كشف المهرجلين..( الألفة دائما سمين وغبي)، رحم الله شاعرنا الجميل أبو آمنة حامد، هكذا كان يصف (الألفة) ..!!

** المهم، يوم الأربعاء الفائت، غاب كل الوزراء والولاة عن ورشة تحليل العائد التي نظمتها الأمانة العامة لمجلس التخطيط الإستراتيجي ..بالمناسبة، (تحليل العائد يعني شنو؟).. ليس مهماً، فالمهم غاب جمع الوزراء والولاة عن حضور الورشة، وغضب وزير المالية وإنتقدهم ووصف غيابهم بالخلل ثم توعدهم برفع كشف الغياب للنائب الأول لرئيس الجمهورية، أو كما كان يفعل (الألفة) في الزمن الجميل.. فالناظر كان يجلدنا على الغياب، فماذا يفعل النائب الأول لهؤلاء عندما يبلغه وزير المالية بغيابهم عن ورشة تحليل العائد؟..وبالمناسبة، (ياتو عائد؟، هو أصلاً في عائد؟)، ربما يقصدون عائد الإغاثات.. أيضاً، ليس مهماً..!!

** فالورشة كانت لتحليل العائد، وكان يجب أن يخاطبها النائب الأول لرئيس الجمهورية، فاعتذر لأمر ما، فمثله وزير المالية مخاطباً، ولذلك لم يجد من الوزارء والولاة غير والي الجزيرة..وخاطب المقاعد الخالية قائلاً : بالخطاب فقرة مهمة تخص الوزراء والولاة، فالى من نوجهها مع هذا الغياب الكثيف ؟..(والله ما ليهم حق)، إذ بغيابهم أضاعوا على أنفسهم والشعب تلك الفقرة المهمة من الخطاب ، إذ ربما فيها حلول تنقذ إقتصاد البلد من شح الدولار و بحر الإغاثة وإستجداء دولة الجنوب..إن لم يكن تقديراً للورشة وما بذل فيها من جهد التنظيم، فحرصاً على تلك (الفقرة المهمة)، كان عليهم حضور ورشة التخطيط الإستراتيجي.. وبالمناسبة، (التخطيط الإستراتيجي ده شغال شنو؟)، وهل كوارثنا الإقتصادية هذه من ثمار هذا المسمى بالتخطيط و (كمان إستراتيجي)..؟.. أيضاً، ليس مهما .!!

** على كل حال، ما حدث لورشة تحليل العائد يعكس أن الأصل في الآداء العام هو (الشخص)، وليس (القضية).. نعم، لو لم يعتذر النائب الأول عن مخاطبة الورشة، لإمتلأت المقاعد بالوزراء و لفاضت بالولاة، ولكنهم علموا بإعتذاره ف (غابوا)..محاور هذه الورشة – وغيرها من الورش والندوات والاجتماعات – ليست مهمة عند السواد الأعظم من المسؤولين، فالمهم أن يشرفها الرئيس أو النائب الأول، وعندها ( العميان يجي شايل المكسر).. وهكذا هم، كلهم يدورون حول فلك ( إرضاء الرئيس ونوابه)، وليس (الله ثم الشعب )..والدليل على ذلك، ما يلي : ( بعض الورش يحضرها المسؤولون الكبار – يقصد الرئيس و نوابه – ولكن عند إنصرافهم ينصرف معهم معظم الحضور ويظل عدد محدود)، أو هكذا يؤكد وزير المالية بأن الأصل في العمل هو إرضاء (الرئيس و نوابه) وليس (ضمائرهم) .. !!

** ورغم ذلك، أي رغم وضوح الحال المائل في الآداء العام لحد الغياب الجماعي، يؤكد عباس كورينا – الأمين العام للتخطيط الاستراتيجي – إلتزام الدولة بالمسار الاستراتيجي طويل المدى..تأملوا..وزير المالية ينتقد غياب الوزراء والولاة عن ورش التخطيط الإستراتيجي، ومع ذلك يؤكد أمين التخطيط الاستراتيجي إلتزام الدولة بالمسار الاستراتيجي طويل المدى..وكأن مسار الدولة ليس بأيدي ( الذين غابوا)، أو كأنه يتحدث عن (دولة أخرى )..هؤلاء لايصلحوا لإدارة داخلية طلاب بالنهج الإستراتيجي، ناهيك أن يديروا دولة بهذا النهج ..!!
[/JUSTIFY]

الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]