عبد اللطيف البوني

البليلة فيها حصحاص


[JUSTIFY]
البليلة فيها حصحاص

هناك شبه اجماع أن الإعلام أصبح هو الذي يقود السياسة في مصر بغض النظر عن القوة المحركة لذلك الاعلام هل هم كبار الاعلاميين ام ان هناك جهة داخلية منظمة للعملية الاعلامية ام ان هناك قوة خارجية اخترقت ذلك الاعلام . نحن في السودان لسنا بعيدين عن السيطرة الاعلامية على مجمل الحركة السياسية فانظر مثلا لآخر حدثين وقعا في البلاد الاول لقاء السيدين المشير البشير و السيد الصادق المهدي فهذا اللقاء ظلت الصحف التي تصدر في الخرطوم والتي تفوق العشرين تخبر عنه قبل ثلاثة ايام من حدوثه لقد سيطر على عناوينها وتقاريرها وتحليلاتها ومن الصحف انتقل ذات الزخم الى الاذاعة والتلفزيون فعناوين واقوال الصحف اصبحت رئيسية في تلك الأجهزة.
لم توضح لنا ذات الاجهزة ماهي اهم مخرجات ذلك اللقاء بين البشير والصادق. التصريحات الرسمية ليس فيها ما يشفي الغليل او على الاقل ما يكافئ الصورة التي رسمها الاعلام لهذا اللقاء، لا بل ذهب الكثيرون الى ان اللقاء كان اقرب الى لقاء العلاقات العامة ولكن الاعلام هو الذي كبره اللهم الا اذا كان هناك جانب سري قد يظهر فيما بعد. قبل ان يجف حبر لقاء السيدين البشير والصادق جاء لقاء الرئيسين البشير وسلفاكير فتحولت الآلة الاعلامية المحلية لذلك اللقاء وصورته بأنه لقاء السحاب الذي سوف يهطل على البلدين سلاما واستقرارا ودولارا وتمني. لم تترك الصحف ومن خلفها القنوات والاذاعات شاردة او واردة من ذلك اللقاء وكانت انحناءة كير لتحية علم السودان هدف اللقاء الذهبي وذهب الناس في تفسيرها مذاهب شتى هل كان مخططا له ام انها كانت وارد وقت وخروج لسفاكير عن النص وماهي مدلولاتها وهل هي المعادل الموضوعي لتلك العملية التي قام بها سلفا يوم اعلان استقلال الجنوب عندما قام بإنزال علم السودان من على السارية ثم تطبيقه ووضعه في صندوق وتسليمه للبشير؟.
المهم في الامر ان الاعلام صور لنا زيارة سفاكير الاخيرة للخرطوم بانها عصا موسى التى التقفت كل العقبات التي تقف عقبة امام تطبيع العلاقة بين البلدين فسلفاكير انحنى لعلم السودان وعوض الجاز رفع يده عن البلف نهائيا وبأمر من البشير وان القادم بينهما ليس احلى فحسب بل عسل عديل كدا , هذا هو الذي صوره لنا الاعلام ولكن في تقديرنا ان الاعلام رسم لنا عالما افتراضيا وليس بالضرورة ان يتطابق مع الواقع فالطريق مازال طويلا والعقبات مازالت موجودة والاوضاع مازالت هشة والوضع الاقليمي خارج الحسابات لا نود ان نفسد على المواطنين بهجة اللقاء ولكن نريدهم ان يقتصدوا في التفاؤل وألا يسلموا ذوقنهم للاعلام ويتجاوزوا الواقع.
الرئيسان التقيا قبل اللقاء الاخير خمس مرات وفي ثلاثة من هذه اللقاءات خرجا علينا باتفاقيات ومصفوفات قيل لنا انه (ما تخريش منها المية) وان انهار العسل واللبن سوف تجري بين البلدين ولكن قبل اي تنفيذ يطلع شيطان الخلاف ويلحس او على الاقل يوقف جميع المصفوفات فما الذي يضمن ان لقاء الخرطوم في الاسبوع الماضي محصن من شيطان الخلاف اللابد اي المختفي بين البلدين ؟ الاجابة ان حكومة الجنوب الآن اختلفت وان سلفاكير قد نظف حكومته من كل المكجنين للخرطوم والذين كانوا يرون ان الخلاف مع الخرطوم هو المدخل لإسقاط نظام الخرطوم . في تقديرنا ان هذا الامر بالذات هو الذي يجعل العلاقة في كف عفريت بمعنى مانراه مصدر قوة هو مصدر الضعف.
وغدا ان شاء الله نواصل.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]aalbony@yahoo.com[/email]