عبد اللطيف البوني

البليلة فيها حصحاص 2

[JUSTIFY]
البليلة فيها حصحاص 2

بالأمس قلنا إن الإعلام السوداني أخذ يكبر في الأشياء وأصبح يصنع لنا عالما افتراضيا وضربنا لذلك مثلا بلقاء السيد رئيس الجمهورية بالسيد الصادق كيف تم التبشير به وكيف تمت تغطيته وكيف أنه توارى وبسرعة مذهلة أمام زحف العملية الإعلامية التي صاحبت زيارة الرئيس سلفاكير للخرطوم وقلنا إن هذه الزيارة صورها الإعلام بأنها البسلم الشافي الذي لن تشكو بعده العلاقة بين البلدين من أي ألم إن شاء الله وجع راس خفيف من القلب نتمنى أن يكون المستقبل الذي رسمه الإعلام للعلاقة هو الذي سوف يتحقق ولكننا للأسف نشعر أن الأمر ليس بهذه السهولة وأن هذا التفاؤل فيه إفراط أكثر من اللازم وأحسب أن لدينا ما يجعلنا نذهب هذا المذهب الذي نتمنى ألا يكون تشاؤما بقدرما هو قراءة قد تخطئ او تصيب.
الشيء الأساسي الذي جعلنا نظن او حتى نجزم بأن لقاء البشير / كير الأخير مختلف في مستقبله عما سبقه من لقاءات هو أن كير غير حكومته التي كانت تعج بالمناوئين والكارهين لنظام الخرطوم وهنا علينا أن نتذكر أن تغيير الحكومة في جوبا لا صلة للخرطوم به أي أن الرئيس سلفا لم يطح بأعضاء حكومته السابقة لأنهم رافضون للتقارب مع الخرطوم بل كان انقلابه عليهم لأمر متعلق بصراع السلطة داخل الحزب الحاكم هناك ومن هؤلاء من كان يدعو للتقارب مع الخرطوم كالدكتور رياك مشار. إن تغيير سلفا لحكومته وبتلك الصورة يجعل نظامه ليس مستقرا فالمقالين كانوا مراكز قوى وستظل متربصة به ومعارضة لكل خطواته ومن الآن بدأت في النيل من اتفاقه مع البشير لدرجة أن أحدهم قال إن سلفا باع استقلال الجنوب للبشير واستشهد بانحناءته للعلم السوداني التي صفق لها السودان هذا يشي بأن العلاقة بين جوبا والخرطوم أصبحت بندا في صراع السلطة الدائر في جوبا وهذا هو مصدر خطورة ليس بالهين.
هناك القضايا العالقة بين البلدين ولعل أهمها قضية أبيي وخطورة قضية أبيي أن أبناء أبيي الممسكين بملف القضية هم أكثر الكارهين للخرطوم فهم الذين أبطلوا مفعول اتفاقية أديس أببا 1973 وكانوا نواة الحركة الشعبية لتحرير السودان وهم الذين قادوا عملية الانفصال. لقد جعلوا من قضية أبيي قضية قومية جنوبية ولن يستطيع سلفاكير تجاوز أبناء أبيي. بالإضافة للصراعات المحلية هناك الوضع الاقليمي؛ فيوغندا الرافضة لأي تقارب بين الخرطوم وجوبا لديها القدرة على التأثير على أوضاع الجنوب، وهناك قوى عالمية مؤثرة دولا كانت ام هيئات او منظمات تريد الجنوب شوكة في خاصرة السودان القديم. كل هذه القوى المحلية الاقليمية والدولية سوف تجعل سلفاكير يصير في طريق صعب إذا أراد أن يجعل زيت الجنوب في بيت السودان والعلاقة صافية لبن معه.
إن الذي تم في الخرطوم جراء زيارة سلفا الأخيرة للخرطوم لا يمكن التقليل من شأنه فمن المؤكد أن رفع يد عوض عن البلف مقابله رفع يد الجنوب عن زناد كان موجها للسودان وإن لم يعلن عن ذلك صراحة وحتى تستقر وتتطور العلاقة بين البلدين وتتجاوز المطبات التي أشرنا إليها أعلاه لا بد من تشعيب هذه العلاقة أي جعلها شعبية أي بين الشعبين مباشرة وليست حكومية يجب تجريدها من الكلمات والحركات العاطفية بما فيها الانحناءة للعلم. يجب جعل الاقتصاد هو محركها الأول وليس السياسية. يجب الخروج بها عن عالم الإعلام الافتراضي وتوهيضها في الواطا والله المستعان.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]aalbony@yahoo.com[/email]