الخرطوم -انجمينا .. الساقية لسه مدورة
ود الحسين مزارع مشهور في شرق النيل يعرفه كل مواطني المنطقة ويحبون احاديثه وحكمه التي تمتاز بالطرافة وتراكم الخبرات، وكان ود الحسين لاعباً أساسياً في حل المشاكل الآنية التي لا تنتهي بين صغار المزارعين في المزارع الممتدة باطراف المدينة والمواطنين اصحاب الماشية، فالمزارعون لا يستطيعون حماية مزارعهم المكشوفة ولا تسويرها وهم يعملون على زراعتها فقط ولا يملكونها والمواطنون لايستطيعون منع ومراقبة ماشيتهم من الدخول في المزارع، وفشلت كل المساعي لحل الامر، واستسلم الجميع لهذا الواقع عند بداية كل موسم زراعي يحصد فيه كل مزارع بعضاً من محصوله وتأكل اغنام المواطنين ما تيسر لها .وعند سؤال ود الحسين دائما عن وجهته وهو يحكم ربط عمته حول رأسه يقول بضحكة (وين يعني ماشي اوقف الساقية).
والعلاقة بين انجمينا والخرطوم اذا تجاوزنا الهجوم الشهير على الاولى والاخير الاشهر على مدينة امدرمان تكون ذات ساقية ود الحسين المدورة ويبقى الفرق ان الجميع هناك رضوا بهذا الواقع، بينما لا تزال الاطراف هنا تسعى لتغييره بكل ما اوتيت من قوة، لكن الجديد هذه المرة بين البلدين تزامن التصريحات في العاصمتين حول الحشود العسكرية وتوقع الضربات، فانتظار الرد والنتائج اصبح غير مجدٍ في صراع اصابته كل امراض الشيخوجة، وفشلت فيه كل محاولات العلاج.
بالنسبة للحكومة ما زال الامر في اطار التحذيرات العسكرية عبر الناطق الرسمي باسم الجيش، بينما وصلت تهديدات المعارضة التشادية الى انهم يضعون الآن اللمسات الاخيرة للهجوم على نظام الحكم في انجمينا.
ذات السيناريو المتوقع بين البلدين الذي بدأت بوادره في الظهور حذر منه رئيس البعثة المشتركة رودلف ادادا قبل ايام في خطابه امام مجلس الامن والسلم الافريقي باديس ابابا وقال (نتابع بقلق الوضع على الحدود بين السودان وتشاد، واشار الى تواصل التوتر في المنطقة. ودعا الدول الافريقية للتدخل واتخاذ تدابير في اسرع وقت.)
و الحكومة التي اعلنت عن صفحة جديدة بينها وبين فرنسا وصلت حد الوصال بزيارة وفد عالي المستوى برئاسة د. نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية قالت على لسان د. كمال عبيد وزير الدولة بوزارة الاعلام والاتصالات ان العلاقة بين الخرطوم وانجمينا ستكون على رأس اجندة الزيارة، مما يشير الى حساسية الوضع الآني بين البلدين، اضافة الى انها من المرات القليلة التي تتدخل فيها فرنسا بصورة مباشرة وبرضا الحكومة رغم رفضها لمواقف فرنسا تجاه قضايا سودانية تتعلق بقضية دارفور وازمة المحكمة الجنائية الدولية، الا ان مراقبين يقللون من توافق قابل للنجاح والاستمرار بين البلدين عبر وساطة باريس في ظل الموقف الفرنسي الأخير من المحكمة الجنائية منذ طرحها للشروط الاربعة والتي ربطت فيها بين العلاقة مع تشاد وقضية دارفور والمحكمة الجنائية، ويرى ذات المراقبين ان فرنسا رغم انها الانسب الا ان الوقت غير مناسب الآن لتدخلها في صراع يرتبط بصورة مباشرة بقضية دارفور وتعقيداته.
آدم محمد احمد استاذ العلوم السياسية بجامعة الزعيم الازهري قال ان الامر يتعلق في الاساس بدعم البلدين للمعارضة. واضاف «اعتقد انه من الصعوبة ان يفعلا ذلك الآن».
تبقى ان الحل الجذري لاسباب الصراع المتشعب بين السودان الذي استعصى على الحلول اصبح يرتبط بمصير الانظمة الحاكمة وبقائها، ويرى ذات المراقبين صعوبة هذا الحل في ظل الانظمة الحالية في البلدين وقد لايكون الا بذهاب احدهما، فعلى حساب اي الاطراف تكون نهاية هذا الصراع، لم يبدأ بعد الزمن المناسب للتكهنات.
أميرة الحبر :الراي العام