في بيتنا..
أحد الزملاء قال لي إنكم في (السوداني)، تحتفون بالإنجازات التحريريّة للصحافيين بصورة قد تلحق بكم ضرراً بالغاً!
وقبل أن أرخي حواجب الدهشة، أكمل الزميل فكرته قائلا: (ألا تلاحظ أن أغلب الصحف الجديدة منها والقديمة، تتجه لتقوية طاقمها التحريري، باستقطاب كودار السوداني؟!)
زميلنا العزيز يردُّ ذلك لحديثنا المتكرر بالمدح والثناء على أي محرر يحقق سبقاً صحافياً، فهو يرى في ذلك إبرازاً قد يصيب المحررين بمس الغرور، ويجعلهم عرضة للاستقطاب والإغراء!
قلت للزميل إننا لا نعطيهم أكثر مما يستحقون، فمن اجتهد وأفلح في تمييز نفسه، أقل ما يمكن أن يجده، الذكر بالخير والإشادة به، ليس في داخل أسوار الصحيفة، ولكن على ملأ القراء.
هذا ما فعله معنا أساتذة سابقون أجلاء شدّوا من أزرنا، ووقفوا معنا في سنوات التأتأة والحبو على بلاط الصحافة.
وأشادوا بنا في أعمدتهم المقروءة، وقدمونا للقراء بأقلام يافعة وأحلام عراض، فلماذا نبخل على محررينا بذلك حينما نمسك بزمام المسؤولية؟!
من حق أي صحفي أن ينال ما يستحق من مقابل معنوي ومادي في الصحيفة التي يعمل بها، أو في أي مكان آخر يقدم له ما يكافئ موهبته.
الصحافة مهنة إبداعية شاقة، تقوم على الموهبة والاجتهاد والتأهيل، ولا تعرف الواسطات وتراكم السنوات والعلاوات والترقيات مع مرور الزمان، الذي يرقي ويخفض هو نتاج ما يكتب الصحفي، وما يقدم من أعمال صحفية تعلي شأنه، أو تخفضه.
انتقل قبل أيام أخي الأصغر أحمد دندش من (السوداني) إلى الزميلة (الأهرام)، وهو موهبة صحفية جديرة بالتقدير والاعتناء.
أذكر أول مرة رأيته عندما طرق باب مكتبي بالعزيزة (الرأي العام)، وكنت وقتها مديراً للتحرير مع رفيق الدرب وصديق الآهة والضحكة أبو حباب.
دندش بملامحه المشاغبة، ورشاقته البائنة، وظرفه الجلي، كان مدخله في تقديم نفسه مختلف عن الآخرين قال لي: (يا أستاذ أنا حاسي إني صحفي كويس، أبحث عن فرصة أرجو أن أجدها معك).
ومن تلك اللحظة انطلق دندش في سماء المنوعات والفنون، وجاء معي إلى (السوداني) إلى أن غادرها إلى الزميلة (الأهرام)، وأكرمنا من هناك بمقال نبيل من طينته العطرة، في أول إطلالة له في مقره الجديد.
(السوداني) وقبل مغادرة دندش، استطاعت أن تكسب أحد أبرز نجوم الكتابة الفنية، الإعلامي القدير هيثم كابو.
كابو كاتب صانع للجدل، وليس مثيراً له فقط، تتبعه الرياح والعواصف أينما ذهب، وتلاحقه البلاغات والشكاوى (نحنا ما ناقصين كفاية الطاهر ساتي)..!
كابو نجم صحفي تلتهب كثير من الأيدي بالتصفيق له، وتعض على غيظه كثير من الأنامل كذلك!
وفي سبيل التشجيع ودعم التميز اقترح المدير العام الكادر الإداري الهمام، الأستاذ/ حاتم عبد الغفار، تقديم جائزة شهرية لأفضل المساهمات الصحفية.
الجائزة الأولى لشهر أغسطس، نالها المصور البارع سعيد عباس، الذي قدم أفضل التغطيات لكوارث السيول والأمطار، وهو أكثر مصور صحافي سوداني تعرض للضرب والاعتداء والاحتجاز أثناء تأدية عمله!
أما جائزة شهر سبتمبر، فقد نالتها صاحبة التميز الدائم المحررة هاجر سليمان، التي فجّرت قضية النفايات الطبيّة، وتحصلت على التقرير الجنائي لعام 2012م، وظلت أخبار صفحتها تنافس على مانشيتات الصفحة الأولى.
هكذا الدنيا (تودي وتجيب) ولا يبقى إلا الفعل النبيل والقول الجميل.
[/JUSTIFY]
العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني