لا أريد طائرة بل «باصا»

ووبي جولدبيرج ممثلة أمريكية سوداء، يخيل إليك أنها شقيقة روبرت موجابي رئيس جمهورية زيمبابوي، الذي يعتبر ابو الجعافر مقارنة به من – حيث الوسامة- نبيل شعيل! يعني شكلها «يقطع الخميرة» ولكنها جميلة الروح ومحبوبة في كل أنحاء العالم، لخفة ظلها ولسانها السليط، وجرأتها في التعبير عن رأيها، وقد خسرت عشرات الملايين من الدولارات نظير المشاركة في إعلان تجاري، لأنها وخلال انتخابات أمريكية رئاسية قبل عدة أعوام شتمت الرئيس (وقتها) جورج دبليو بوش بوابل من الكلمات ذات الثلاثة والأربعة حروف فمنعتها الشركة من تقديم الإعلان خوفا من ان يؤدي فوز بوش بولاية ثانية إلى حرمانها (الشركة) من المناقصات والعطاءات.. وشخصيا أحب ووبي لعدة أسباب من بينها انها سوداء وأنها ماهرة وانها مرحة وانها تكره جورج بوش، ثم اكتشفت ان هناك قاسما مشتركا آخر بيننا: هي مثلي تخاف ركوب الطائرات،.. وفي العدد قبل الأخير من مجلة تايم او نيوزويك (لست متأكدا لأنني قرأت المجلتين في مطار ما) سألوها كيف تتنقل لآلاف الكيلومترات ما بين الساحلين الغربي والشرقي للولايات المتحدة؟ فقالت إنها تملك باصا خاصا ينقلها إلى حيث تريد! طيب وكيف تسافرين إلى أوروبا؟ قالت: أشحن الباص على سفينة ركاب مثل كوين اليزابيث الثانية حتى شواطئ فرنسا او اسبانيا ومن هناك أسافر برا بالباص إلى المدينة المقصودة!.. وعنّت لي من ثم خاطرة: لماذا لا أناشد القراء ان يرأفوا بحالي ويجمعوا لي تبرعات كي اشتري باصا أسافر به من مكان إلى آخر وكلما أردت السفر إلى السودان وصلت بالباص إلى ميناء جدة وشحنته في باخرة وظللت جالسا بداخله حتى يصل إلى ميناء بورت سودان؟ وليكن معلوما للراغبين في التبرع أنني لا أريد باصا «أي كلام»، بل مزودا بدورة مياه وسريرين او ثلاثة، ومطبخ صغير، ويجب أن يغطي التبرع أجرة السائق، والقائم بأمر الخدمة داخل الباص!.. هذا الأمر يا جماعة ليس مجرد مزحة،.. فحتى الآن استطيع ان أتحمل الاسهال الذي ينتابني كلما قررت السفر بالطائرة مستعينا بأقراص مهدئة تجعلني في حالة «دوخة» طوال الرحلة الجوية،.. ولكن من المؤكد أنني لن استطيع السفر إلى أي جهة خلال السنوات المقبلة لو مد الله في أيامي، فوكالة الفضاء الأمريكية ناسا قامت بتطوير طائرة تحمل اسم «اكس 43 إيه»، تستطيع ان تقطع سبعة آلاف (7000) كيلومتر في عشر ثوان.. يعني انا حاليا مقيم في العاصمة القطرية الدوحة ومسافر بتلك الطائرة إلى السودان وتقول المضيفة مرحبا بكم في رحلتنا إلى الخرطوم (ثم تكح).. ونبارك لكم سلامة الوصول.. هذه الطائرة تستخدم محركا اسمه سكرام جيت، وطارت بنجاح قبل سنوات، ويجري الآن إنتاجها على مستوى تجاري.. ولو صار استخدام هذه الطائرة تجاريا – وهو ما سيحدث حتما – فإن أبا الجعافر قد يسلم الروح قبل ان تبدأ الرحلة بها.. فهذه الطائرة لا تقلع من تلقاء نفسها بل يتم أولا حملها على طائرة بي 52 العملاقة التي رأينا ضخامتها خلال حربي الخليج الأولى والثانية حيث كانت تطير بلا توقف من اسبانيا أو بريطانيا إلى العراق حيث ترمي بأطنان من المتفجرات ثم تعود من حيث أتت! وتطير بي 52 بهذه النفاثة العجيبة إلى ارتفاع 40 ألف قدم لتضعها على ظهر صاروخ بيجاسوس، وبعد ذلك يتم تشغيل محرك سكرام جيت، فتقطع المسافة ما بين لوس أنجلس في غرب أمريكا إلى كوريا في أقل من ساعة!.. باختصار أريد باصا يوصلني إلى السودان في أسبوع وليس طائرة تنقلني إلى هناك في أربع ثوان وأنا جثة هامدة… فهل من فاعل خير؟
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]