رأي ومقالات

هدية علي : ثلاثي البرلمان.. دورة مجلسية في القمة

[JUSTIFY]أستطيع القول وبكل شجاعة أن البرلمان في نسخة قيادته الجديدة التي واءمت بين القديم والجديد بدماء شابة ولديها القدرة على العطاء والاجتهاد والابتكار وحظيت في ذات الوقت بقدر كبير من التوافق الداخلي والانسجام حققت في فترة وجيزة حراكاً ضخماً تحت قبة البرلمان ووسط الساحة السياسية، كانت شهادة للفريق القديم الجديد في قيادة البرلمان، أسكتت كل الأصوات التي كانت تشكك في قدرة الشباب على قيادة مؤسسة في قامة البرلما ن المؤسسة الأولى في البلاد المعنية بالتشريع والرقابة على الجهاز التنفيذي، لقد نجحت القيادة الجديدة للبرلمان في إدارة جلسات المناقشة لخطاب الرئيس وتمرير خطاب الإجابة عليه، وفي مناقشة الميزانية وحزمة مناقشة تقارير الوزراء والقضايا الأخرى، وكان للبرلمان حراك كبير في دعم جهود الحوار الوطني مع القوى السياسية على مستوى المركز والولايات، وأيضا بمشاركته في جلسات الحوار السياسية التي نظمتها مراكز البحوث والدراسات والجامعات الأخرى، غير إن أكبر صفقات البرلمان التي تجعلنا مطمئنين لمستقبل الأجيال الشبابية التي دفع بها للمؤسسات الكبيرة في الدولة إدارة البرلمان لتمرير قانون الانتخابات.. هذه إلى جانب حضوره في المحافل الإقليمية ذات الصلة، هذا الجهد المشترك جعل منه مؤسسة قادرة وفاعلة في ملء وتغطية مساحتها بالكامل. فالأستاذة سامية أحمد محمد قيادية تمرست على العمل التنفيذي والتشريعي من خلال رصيدها الوافر من سنوات خدمتها في هذه المؤسسات، واحتكاكها في العمل العام بشخصيات من العيار الثقيل في الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني، تسندها علاقتها الواصلة بقطاع الشباب منذ أن كانت في منظمة شباب الوطن، تتبادل قيادة المنظمة مع الدكتور الفاتح عز الدين، وكذلك علاقتها برائدات العمل النسوي من خلال إشرافها على قطاع المرأة بالمؤتمر الوطني، وكذلك علاقتها بملف المعلومات في الحزب، لذلك فإن الأستاذة سامية أحمد محمد أصبحت من الوجوه الشبابية المؤثرة جداً داخل أجهزة الحزب والدولة يعزز مكانتها في ذلك ما تميزت به من زهد في المواقع التي تتقلدها رغم عطائها الضخم، ويأتي متناسقاً معها إلى حد كبير كما هو باين للعامة أداء رئيس البرلمان الدكتور الفاتح عز الدين الذي ينطلق من ذات المدرسة السياسية التي تربت وترعرعت فيها الأستاذة سامية، ولربما يختلف عنها قليلاً في كونه خدم في إطار الحكم الفدرالي في الولايات وانخرط في دراسة القانون حتى حصل على درجة الدكتوراة، وأنه لم يخدم داخل مؤسسات الحزب التنظيمية كثيراً مثل الأستاذة سامية ولم يتقلد وزارة اتحادية غير أن له باعاً في تجربة التواصل الشعبي المجتمعي، من خلال عمله في عدد من المحليات من بينها محلية الخرطوم، كما أن فترته فى صندوق دعم الوحدة وفي إدارة الحملة الانتخابية للرئيس البشير ايضاً من المواقع التي مكنته من إطلالة جيدة على المجتمع السودان بمكوناته السياسية والاجتماعية والفكرية المتعددة ساهمت في تكوين شخصيته القيادية، وإن كان الفاتح عز الدين وسامية أحمد بينهما مشتركات عديدة في الإدارة انطلاقاً من تزاملهما في العمل العام داخل الأجهزة الشبابية، فإن اختيار شخصية مثل الدكتور عيس بشرى الرجل المعروف بحبه وانفعاله بالعمل العام، والمهموم بقضايا الغرب خاصة كردفان يأتي ليعظم من التوافق في القيادة داخل كابينة البرلمان. فمسيرة الدكتور عيسى بشرى لا تبتعد كثيراً عن مشوار الثنائي الفاتح وسامية. فهو ايضاً بدأ حياته بالمؤسسات الطوعية، وخدم في الأمم المتحدة بالعراق، وعاد للسودان وانخرط في صفوف العمل بمنظمة الدعوة، ثم تقلد العديد من المناصب الوزارية على المستوى الولائي، وبعد اتفاقية السلام أرسله القصر نائباً للحاكم في ولاية جنوب كردفان التي طالتها ترتيبات سلام نيفاشا ثم عاد للخرطوم وزيراً للدولة في وزارة العلوم والتكنولوجيا مساعداً للبروف إبراهيم أحمد عمر ثم صعد لمنصب الوزير لذات الوزارة لدورتين بعد دمجهما في الاتصالات بجانب تقلده مواقع رفيعة في إدارة الحزب. وبرز بشرى كواحد من الوجوه القوية التي تمثل كردفان الكبرى، ورشح في فترة ما ليدخل القصر الجمهوري ممثلاً لملفات الغرب عموماً وكردفان على وجه الخصوص، وهو شخصية مثيرة للجدل كونه له اهتمامات بملفات أخرى بجانب الملفات الرسمية تعنى بهموم وقضايا أهله المسيرية، وفي عهده في وزارة العلوم أسس لإنتاج الطاقة الكهرباء من الطاقة الشمسية، وقاد بها علاقات تعاون مع دول الجوار واسس لاستزراع شجرة المورنقا وفتح منافذ خارجية عديدة لتبادل المعرفة، وبجانب كل هذا فهو يمثل أحد أهم الدوائر الجغرافية الشعبية بالخرطوم العاصمة وهى دائرة مايو وعد حسين والسلمة المعروفة بالكثافة السكانية الوافدة من الولايات، هذا الانفتاح مكنه من الاندياح بسهولة مع قضايا الرلمانيين وأسلوبهم في الإدارة غير انه وبالرغم من هذا الانسجام والترابط الذي جذب للبرلمان عيون الصحافيين والمجتمع وأدى لحراك كبير في الساحة غطت على عيوب البرلمان المتمثلة في تمثيله لحزب سياسي واحد هو صاحب الأغلبية الكاسحة فيه، إلا أن البرلمان لم يسلم من عيوب في الممارسة النظيفة في اتخاذ القرارات ما يعكس هيمنة الحزب الواضحة على مخرجات قراراته وينكشف هذا بجلاء في قرارات البرلمان الاخيرة القاضية بفصل عدد من الأعضاء بسبب الغياب ومن بينهم رئيس كتلة المؤتمر الوطني د. غازي صلاح الدين وسامية هباني ودكتور فضل الله، والإبقاء على عضوية موسى هلال بقبول اعتذار مكتوب منه وإن كان المفهوم للجميع أن هلال لم يفصل لتقديرات ومواقف متعلقة بالحزب ولا أعتقد أن البرلمان الذي يمثل صوتاً واحداً، كان سيخسر شيئاً لو أنه أبقى على عضوية غازي ومن معه كصوت آخر يزين المشهد فيما تبقى من عمره.

صحيفة الإنتباهة
[/JUSTIFY]