خالد حسن كسلا : سلفاكير هل صَفَّر العدَّاد أيضاً ؟
2014/07/12
[JUSTIFY]الذكرى الثالثة لاستقلال جنوب السودان.. لانفصال جنوب السودان عن السودان.. رجوع جنوب السودان من السودان لإعادة السودان إلى وصفه الجغرافي الأول بعد انفكاك جنوب السودان. وهي هنا الذكرى الثالثة للجمهورية الثالثة «المحتضرة» في السودان.. هنا أيضاً يمكن الاحتفال بالذكرى الثالثة للجمهورية الثانية ما دام أن الحكومة تخلت عن الاحتفال بذكرى يوم آخر تغيير في الجمهورية الأولى وهو يوم 30 يونيو 1989م لكن يحتفل بالجمهورية الثانية في السودان بالتزامن مع احتفالات جنوب السودان بيوم الاستقلال في ذات اليوم غير منبر السلام العادل؟! رغم أن عبارة الجمهورية الثانية قد أطلقها الاستاذ علي عثمان محمد طه تلطيفاً للأجواء التي أعلن فيها الانفصال، والاربعاء الماضي احتفلت جوبا بالذكرى الثالثة للاستقلال في «الجمهورية الأولى» هناك في جنوب السودان.. ولا أدري هل إذا جاءت «جمهورية ثانية» في جنوب السودان بسبب انفصال الإستوائيين مستقبلاً كما هو متوقع هل ستحتفل الدولتان بالاستقلال عن السودان أم ستحتفل دولة واحد منهما؟! أم سيكون مصيره مثل الاحتفال بالثلاثين من يونيو؟!. المهم في الأمر هو أن سلفاكير قد احتفل مع أعضاء حكومته بالذكرى الثالثة لانفصال الجنوب واستقلاله عن السودان. والاحتفال هذه المرة غابت عنه مشاهد الرقص والهتافات طوال الليل وترديد عبارات «شعب واحد وأمة واحدة». لقد تميز الاحتفال هذه المرة بدعوة سلفاكير لحاملي السلاح ضد حكومته بالعودة من أجل السلام والاستقرار والبناء، وهذا يعني أن التاريخ يعيد نفسه، فقد كانت حكومات الخرطوم تفعل هذا أيضاً.. تدعو المتمردين أمثال قرنق وسلفاكير لوضع السلاح. كان نميري يدعوهم لترك الحرب لفتح المجال للبناء في الجنوب لأن الحرب عطلت مشاريع التنمية هناك التي كان بعضها قد أقيم في فترة العشر سنوات التي وقفت فيها الحرب بموجب اتفاقية أديس أبابا في مارس 1972م. وكانت حكومة سوار الدهب تدعوهم للعودة الى المشاركة في فعاليات الانتفاضة، لكن كان يقول قرنق إن حكومة سوار الدهب والجزولي دفع الله الانتقالية «مايو أخرى»، يقصد نسخة معدَّلة من حكومة نميري بتغيير الشخصيات فقط. أو يقصد إنهم نفس العناصر المتشابهة. أما الصادق المهدي رئيس الوزراء المنتخب لم يكن قائد التمرد جون قرنق يعترف بحكومته وكان يقول: «ألتقي بالصادق المهدي بصفته رئيساً لحزب الأمة وليس رئيساً للوزراء». لكن السؤال هنا من فوَّض حزب الأمة ليتحدَّث نيابة عن الشعب؟!. وهل كان قرنق سيقبل زعيم حزب آخر غير الصادق بصفته رئيس حزب مثل الترابي أو نقد أو بدر الدين مدثر، ويصل معه لاتفاق لصالح إيقاف الحرب؟!. كل هذا الآن يعيشه سلفاكير، فهو يرثه من رؤساء حكومات الخرطوم، فقد دارت عليه الدائرة.. وعلى الباغي تدور الدوائر. فقد دارت عليه و«التسوي كريت في القرض تلقاه في جلدها». فقد وجده أيضاً. إذن لم يكن حل مشكلة الجنوب أصلاً في الاستفتاء حول تقرير مصيره، حتى ولو كانت نتيجته بهذا الرقم «98%» فالحل في ألا تقام الحرب أصلاً لكي تفتح المجال لإقامة مشاريع التنمية فينتعش الاقتصاد وتتيسر الخدمات ويجد الإنسان المأوى الراقي والمأكل الطيب والمشرب الصالح. فالرفاهية لا يمكن أن تأتي من انفصال. الانفصال شفاء نفسي أو حسم لمشكلة أمنية كان للجنوبيين شفاء لنفوسهم دون اكتراث لمصالحهم الإستراتيجية، لكنه كان للشماليين حلاً لمشكلة أمنية مزمنة ظلت عبئاً عليهم منذ الثامن عشر من أغسطس العام 1955م. ليكتب بعد هذا التاريخ الشاعر والسفير والقيادي بحزب الأمة يوسف مصطفى التني مقالاً حول ضرورة الانفصال الآن. كان ذلك في العام 1955م.. وكان التني يقول إن تأخير فصل الجنوب يدفع ثمنه الشمال، وكلما تأخر كلما زاد الثمن. وبالطبع هذا ما حدث بالفعل. فمنذ العام 1955 إلى 2011م . كم من المليارات الدولارية خسرتها خزينة الدولة؟!.. وكم من الأرواح أزهقت؟!.. وكم من فرص البناء والتعمير والتنمية والتقدم والازدهار فوتت؟! وكم من الانقلابات وقعت؟!.