مصطفى أبو العزائم

حرية التكبير.. والتعبير..


[JUSTIFY]
حرية التكبير.. والتعبير..

عدتُ من «جنيف» عاصمة منظمات الدنيا الأممية، وقد اتجهت نحوها بصفة مراقب للمشاركة في اجتماعات مجلس حقوق الإنسان التي تنعقد هناك معلنة انطلاقة الدورة الرابعة والعشرين التي بدأت في التاسع من سبتمبر الحالي وتنتهي في الخامس والعشرين منه، والتي تناقش تقرير الخبير المستقل لحقوق الإنسان في السودان في آخر أيام جلسات المجلس، وقد أسفت غاية الأسف لأنني لم أتمكن من ممارسة مهمتي الجديدة كمراقب لأعمال المجلس لأن إقامتي بسويسرا انتهت في اليوم العشرين من هذا الشهر، وأي تأخير بعد ذلك اليوم يعني عدم التزامي بنظم وقوانين الإقامة والهجرة في الدول الأوروبية، ويعني أيضاً عدم منحي تأشيرة زيارة أو عمل لتلك الدول المرتبطة بمنظومة معلوماتية وهجرية واحدة، رغم أن سويسرا لا تعتبر- عملياً- واحدة من دول الاتحاد الأوربي، حيث يرفرف علمها وحده في (ساريات) المباني الحكومية، وحيث لا زال الفرنك السويسري هو القيّم والقائم في دنيا التعاملات والأسواق في كل الأراضي السويسرية، ويجد المرء بعض الصعوبة في التعامل باليورو- العملة الأوروبية الموحدة- داخل المتاجر والمطاعم البسيطة، فيضطر لتحويل (يوروهاته) إلى فرنكات سويسرية، ويعادل اليورو الواحد حوالي فرنك وثلث تقريباً.

ونحن داخل مقر الأمم المتحدة في جنيف وعند بوابة الدخول، وخلال الفترة المحددة لاستخراج البطاقات الخاصة باجتماعات مجلس حقوق الإنسان العالمي، كنا نرى عدة مجموعات بشرية كل مجموعة مكونة من العشرات من مختلف الجنسيات، من قارات الدنيا الست، وكل مجموعة تعبّر عن فئة أو شريحة إما مطالبة بحقوقها أو مناصرة لقضية ما لها صلة بحقوق الإنسان، وكانت من بين تلك المجموعات، مجموعة تدعو لدعم المسنين وتطالب بحقوق جديدة لهم، وأخرى تناصر حقوق المرأة، وأخرى لحقوق الطفل، ومجموعة (مقرفة) تدعو لحقوق المثليين في العيش والانخراط في المجتمعات العامة، وتدعو لما لا نستطيع الكتابة أو التعبير عنه.

الجو العام يوحي لك بأن كل الحريات متاحة وممكنة وفي متناول الجميع، لكن ما حدث يوم الجمعة- قبل يومين- في مدينة فرنسية من قبل إحدى المحاكم قد يهز قناعات وإيمان المتمسكين بأن أوربا هي أرض الحريات، فالذي حدث كما تابعته من خلال الصحف والشبكة العنكبوتية، يقول بأن محكمة استئناف فرنسية أصدرت اليوم- الجمعة الماضية- حكماً بالسجن لمدة شهر مع إيقاف التنفيذ ضد أم أرسلت ابنها ويدعى «جهاد» إلى روضة الأطفال، وهو يرتدي قميصاً مكتوباً عليه: (جهاد.. ولد في 11 سبتمبر وأنا قنبلة).

الإذاعة الفرنسية ذكرت أن بشرى باجور والدة (جهاد) وخاله (زياد) أدينا بالدفاع عن جريمة بسبب ما يبدو على أنه إشارة إلى هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة.

أصدرت المحكمة في بلدة (نيم) جنوب فرنسا ذلك الحكم على الأم مع تغريمها ألفي يورو، كما أصدرت حكماً على الشقيق- خال الطفل جهاد- حكماً بالسجن لمدة شهرين مع وقف التنفيذ وغرامة قدرها أربعة آلاف يورو بذات التهمة، رغم أن إحدى المحاكم الابتدائية كانت قد برأت الاثنين من التهمة، وقالت في حكمها إن هذا التصرف المستفز من قبل أي شخص لا يجعله بالضرورة مدافعاً عن الإرهاب.

الطفل «جهاد» مولود في 11 سبتمبر عام 2009 وقالت أمه وهي سكرتيرة مطلقة للقضاة إن القميص كان هدية من شقيقها الأكبر، وإنه يمثل بالنسبة لها اسم ابنها وتاريخ ميلاده.

إذن الحرية هناك في كل شيء إلا حرية ما يرى الغرب أنه يتصادم معه.. هم مع حرية التعبير.. ولكنهم ليسوا مع حرية التهليل.. ولا التكبير.

[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]