مصطفى أبو العزائم

السوداني.. مواطن.. درجة ثانية..!


[JUSTIFY]
السوداني.. مواطن.. درجة ثانية..!

الفقر مصيبة، وكارثة، ورحم الله سيدنا الإمام علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- الذي نسبت إليه مقولة (لو كان الفقر رجلاً لقتلته).. فالفقر هو الذي يقود للجريمة ويدفع للرذيلة، ويُذل الكرام عند أبواب اللئام، إذا ما أجبرتهم الظروف على الوقوف أمام أبوابهم طلباً لحاجة أو مساعدة.

والفقر يدفع الى مغادرة الأوطان طلباً لعيش كريم، وما كانت الهجرات في الماضي إلا طلباً لعلمٍ أو لمال، والذي يهاجر للعلم كان هو الراجح، لأنه يعود بما ينفع به نفسه والآخرين وبما يعود عليه بالمال فيكسب الاثنين معاً.

تألمت قبل يومين- خلال مطالعتي لإحدى صحف دولة جنوب السودان- لهجومٍ عنيفٍ يستهدف الوجود الأجنبي في جمهورية جنوب السودان.. ويعرِّف كاتب المقال (فرانسيس مبيك) الأجنبي بأنه كل من لا ينتمي لأيٍ من المجموعات العرقية التي تسكن وتعيش في جنوب السودان.. مشيراً إلى أن ذلك يعتمد ويقوم على التعريف الديمغرافي أو السكاني.. أما من الناحية القانونية- كما يقول الكاتب- فإن الأجنبي هو الشخص الذي لا يحمل جنسية دولة جنوب السودان بالميلاد أو التجنس وفق قانون الجنسية المعمول به.

يصنِّف كاتب المقال الأجانب في بلاده، ويضع السودانيين على رأس القائمة، ويتساءل عن أعدادهم، وكيفية دخولهم إلى دولة الجنوب، ويشكك في نظافة سجلاتهم القانونية، ويطالب بتنظيم الوجود الأجنبي، وطرد المخالفين وغير المسجلين.

كاتب آخر اسمه (بار منم بار مونقواج) كتب قبل أيام أيضاً مقالاً تحت عنوان (تنظيم الوجود الأجنبي والاعتماد على الذات) استعدى فيه حكومة «جوبا على الخرطوم» وحرضها على الوقوف في وجهها وعدم الرضوخ لما أسماه (الضغوطات) التي يمارسها السودان اقتصادياً على دولة جنوب السودان بإغلاق الطرق تارة وباغلاق أنابيب النفط تارة أخرى.. بما يجعل موقف دولة جنوب السودان ضعيفاً في كثير من القضايا خاصة «أبيي».

وفي مدينة واو عاصمة ولاية غرب بحر الغزال منعت السلطات (الأجانب) من ممارسة المهن (الهامشية) والصغيرة مثل عمال الفنادق، ومحلات التجميل، وصالونات الحلاقة، وحاملي البضائع الجوالين، وقد تم المنع بالتنسيق مع الغرفة التجارية القومية.. وذلك لتنظيم أنشطة الأسواق والرقابة على التجار الأجانب وأكثر هؤلاء من السودانيين.

حملة منظمة لكنها خافتة يجري الإعداد لها بل تتم الآن في المشهد الجنوب سوداني، تستهدف الوجود الأجنبي، وعلى رأسه المواطن السوداني، حتى أن بعض الكُتَّاب الصحفيين الذين يحملون أسماء عربية يتساءلون (الأجانب لغز محير.. من يأتي بالحلول؟) مثلما جاء في مقال نشرته صحيفة (المصير) يوم الاثنين 15 اكتوبر عام 2012م.

أما الأخبار الرسمية فكثيرة حول موضوع الأجانب، فالرئيس سلفاكير يوجه البرلمان بالتحقيق في قضية سلاح الأجانب من ناحية، ويدعو لتخفيض عدد العاملين الأجانب، ويجبر الشركات على توظيف المواطنين.

قطعاً لحكومة دولة جنوب السودان الحق في اتخاذ ما تراه ضرورياً لتنظيم الوجود الأجنبي، وكان مجلس وزراء دولة جنوب السودان قد أصدر من قبل قراراً أنهى به خدمات الأجانب في مؤسسات الدولة في اليوم التاسع عشر من مايو الماضي.. ولكن الطرق المستمر على الموضوع سيوِّلد حتماً نوعاً من الحقد والكراهية لدى الجنوبيين تجاه السودانيين، ويولِّد قدراً هائلاً من الغبن في نفوس السودانيين، ليس الذين يعيشون أو يعملون في دولة جنوب السودان، بل الذين يعيشون في بلادهم التي تستقبل كل يوم آلاف الأسر من دولة جنوب السودان التي تفر من ويلات النزاعات القبلية الطاحنة، أو تهرب من الفقر الشائك الذي يحيط بكل أسرة هناك، أو تحاول النجاة من موت أكيد بسبب الجوع والمرض وغياب أبسط الضروريات.

ما يحدث من حرب خفية صامتة وخافتة في دولة جنوب السودان ضد المواطن السوداني الذي يضاف الى جملة الأجانب الذين بدأت محاربتهم هناك، سيكون له مردود شعبي سيئ على المواطنين الجنوبيين الذين آثروا العيش في السودان- وطنهم الأول- أو أجبرتهم ظروف الحروب والمجاعات الى العودة مرة أخرى الى السودان بعد أن غادروه الى وطنهم (الأم).

أي اعتداء على أي مواطن سوداني في دولة جنوب السودان هو لعب بالنار.

[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]