مصطفى أبو العزائم

من الذي يطلق الرصاص ..؟


[JUSTIFY]
من الذي يطلق الرصاص ..؟

عندما خرج المحتجون على رفع أسعار المحروقات في مظاهرات متوقعة ورافضة للقرار، ما كان يخطر على بال أحدهم أنه قد يواجه الموت بطلقة طائشة أو متعمدة، فقد خرج المتظاهرون وهم مطمئنون الى أنه سيكونون في حراسة الله عز وجل ثم في حراسة قوات الشرطة، خاصة بعد التطمينات التي حلقَّت بها تصريحات عدد من المسؤولين في فضاء الإعلام وأثيره، تؤكد أن الحكومة لن تلجأ الى استخدام القوة المفرطة في التصدي للمتظاهرين.

ومثلما لم يتوقع المتظاهرون الموت المختبئ في الشوارع والتقاطعات فإنهم ما كانوا ينتظرون دخول أيدٍ خفية تعمل على تغيير غرض التظاهر من الاحتجاج السلمي الى الفعل العنيف الذي يلحق الأذى بالمواطن والشارع والمتظاهر نفسه، فقد حدثت هجمات مباغتة على عدد من محطات الوقود والمخابز والصيدليات والمغالق والمتاجر ومحلات بيع الخضر و(الجزارات) وكل محل يمارس فعل البيع والشراء.. بحيث لم تسلم حتى أكشاك بيع الصحف وأرصدة الهاتف.

حجم الدمار الذي وقع كان كبيراً في أول أيام التظاهر ونجح المخططون للعنف سواء كان ذلك عن قصد أو دون قصد نجحوا في جر السلطات الى ميدان العنف، وهي تراه مبرراً لوقف مسلسل التخريب الذي بدأ وانتهى بحرق سبع وثلاثين محطة خدمة بترولية، وأربعة عشر بصاً من بصات الولاية، وإزالة كل محطات انتظار المواصلات الحديثة في عدد من الشوارع الرئيسية، وسلب ونهب ما لا يقل عن مائة وخمسين منزلاً في أحياء متفرقة، والسطو على أسواق بأكملها، ومحاولات كسر لعدد من البنوك وخزائن الصراف الآلي، واتلاف عدد كبير من المركبات الحكومية.

خلال المواجهات التي جرت لوقف العنف فقد الكثيرون أرواحهم، وسألنا الله ألا يكون هناك المزيد من الضحايا أو الدماء، ولم يعرف أحد حجم الخسائر في الأرواح، وهذا ما ينتظر الجميع صدوره في بيان رسمي يؤكد على جدية الدولة في تحمل مسؤولياتها تجاه المواطنين والحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم..

توقعنا أن تصدر تحذيرات رسمية للمتظاهرين بعدم استخدام العنف، وأن تتضمن تلك التحذيرات ما يفيد بأن السلطات ستتصدى لكل من يستخدم العنف أو يلجأ لأساليب التخريب خلال التظاهرات، لكن ذلك لم يحدث إلا عرضاً في البيانات التي تعطي ملخصاً لوقائع يوم دامٍ من التظاهر، وظل بعض الشباب يمارسون ما يؤمنون بأنه حق مشروع وهو التظاهر والاحتجاج، وعمل كثير من المتظاهرين على إبعاد العناصر المتفلتة من بينهم، كما رفض كثيرون أن يصبحوا مطية يستغلها بعض السياسيين للوصول الى أهدافهم في زعزعة الأمن وهز أرضية الاستقرار مهما كان الثمن، ليصلوا الى مقاعد الحكم.

خفت حدة المظاهرات منذ يوم الخميس الماضي، وقل ظهور التجمعات الكبيرة في الشوارع الرئيسية والطرقات، وانحسرت موجة العنف أو كادت، ومع ذلك ما زال هناك ضحايا، وقد أورد بيان رسمي للشرطة يوم الجمعة أن هناك أربع ضحايا أصيبوا برصاص مجهولين.

لابد من فتح باب التحقيق، لابد للوصول الى الجناة إن كانوا يستهدفون الضحايا، لأن ذلك إن لم يحدث فإنه سيوِّلد غبناً في نفوس أهالي أولئك الضحايا، وسيوغر صدوراً كثيرة إن ظل بلاغ الموت مسجلاً ضد مجهول.

[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]