مصطفى أبو العزائم

في الأمر عجبٌ.. وغرابة


[JUSTIFY]
في الأمر عجبٌ.. وغرابة

لا أعجب من أن يقف حزب معارض لم يشارك في الحكم- مباشرة- مثل الحزب الشيوعي السوداني، أو حزب معارض آخر حفظ المسافة بين الحكم وضده، مثل حزب الأمة القومي، في ما يبدو أنه تناقضٌ ما بين توجهات القلب واتجاهات العقل.. لا أعجب من وقوف اي حزب معارض له رؤية وبرنامج وطرح ضد برنامج الحكومة الذي طرحته تحت مسمى برنامج الاصلاح الاقتصادي، ثم يحاول الحزب المعارض- أياً كان- استغلال جو الاحتجاجات العامة ضد رفع أسعار الوقود ليصطاد في هذا الجو المكفهر، ويدعو منسوبيه وعضويته للخروج الى الشارع تنديداً بالزيادات ورفضاً لها.

إن حدث ذلك، ليس فيه مدعاة للتعجب أو الغرابة، لكن أن يقوم رئيس حزب (مشارك) برفض القرارات الحكومية على حسابه الشخصي في مواقع التواصل الاجتماعي، ويظل في ذات الوقت شريكاً أصيلاً أميناً في منظومة الحكم، فإن هذا يعني قمة التناقض في المواقف، ويعني ازدواجية في الطرح مثل السباحة مع التيار وعكسه في وقت واحد.

قطعاً الزعيم الصادق، والرئيس الحقيقي لا يعتمد على ضبابية المواقف وازدواجية الطرح واختلاف التوجه في قضية واحدة واضحة المعالم، فهو إما (مع) القرارات التي تمت مشاورته وبقية قيادات حزبه فيها، وإما ضدها بوضوح طالما أن حسابه الشخصي في (الفيس بوك) يحمل وجهة النظر تلك، لأن اعتماد (البطولة) الوقتية في أعين المحتجين، لن يجعل من المشاركة في الحكم فعلاً مقبولاً بين ذات الجموع التي يحركها عقل جمعي محتج.. بمعنى آخر لا يمكن أن يقبل عقل أن يأتي شخص بالفعل ونقيضه ويطالبنا بتصديق الموقفين.

الموقف الصحيح هو (الخروج) الواضح بصفة شخصية من المشاركة، طالما أن القيادة الجماعية للحزب مع المشاركة في السلطة ومباركة للخطوات التي اتخذتها الحكومة ضمن ما أسمته ببرنامج الإصلاح الاقتصادي.. وهناك أمر أكثر غرابة، هو موقف بعض قيادات الحزب الحاكم نفسه مما جرى في الشارع قبل أيام، فهذه الأسماء التي طرحت مذكرتها الإحتجاجية كأنما أرادت بفعلها ذاك التبرؤ من قرارات تمت مناقشتها على كافة المستويات الحزبية داخل المؤتمر الوطني، بدءاً من القواعد وانتهاء بالأمانات والمكاتب القيادية على المستوى الولائي والمركزي.. ومع ذلك لم نسمع لتلك القيادات صوتاً أو احتجاجاً، رغم أن ملامح البرنامج الاقتصادي كانت واضحة وجلية، ورغم أن ردة الفعل الشعبية كانت متوقعة..!!

مواقف المعارضين الحقيقيين واضحة ولا لبس عليها، لكن مواقف (المعارضة المؤقتة) هو ما يدعو للعجب، والتعجب والاستغراب لأن مثل هذه المواقف، إنما تعبِّر عن انتهازية غير واعية، لاستغلال الظرف الاحتجاجي لبناء (شخصية جديدة) تختلف عما كانت عليه قبل الاحتجاجات الشعبية والمظاهرات الرافضة لرفع الأسعار.

المعارضة المؤقتة لن تصنع بطولة دائمة.. ولا مؤقتة.
[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]