تحقيقات وتقارير

التفلتات الأمنية بجنوب دارفور.. العودة إلى المربع الأول


[JUSTIFY]يبدو أن حالة الاستقرار النسبي التي تشهدها ولايات دارفور نوعاً ما، لم تحظ ولاية جنوب دارفور بجزء منها منذ تسلم اللواء ركن آدم محمود جار النبي زمام الأمور، فالأمن يعد من أكثر المهددات التي ظلت تؤرق مضاجع كل الولاة المتعاقبين على الولاية، إضافة الى الحركات المسلحة والمتفلتين والصراعات القبلية والقتل وترويع المواطنين داخل ووسط نيالا، فضلاً عن الاحياء الطرفية وبالمحليات المختلفة، آخرها حادث اغتيال معتمد محلية كتيلا في منطقة طوال أم جمل الواقعة في الطريق بين مدينتي نيالا وكتيلا، بعد تعرضه لكمين من متفلتين اطلقوا النار عليه وجرح عدد من مرافقيه، وهو الحادث الذي نفى الوالي فيه اغتيال المعتمد على يد المسلحين، واتهم الصحفيين بإثارة القضية واعطائها حجماً أكبر، وبالأمس القريب قتل منسق الدفاع الشعبي بمحلية تلس في كمين نصبته مجموعة مسلحة في الطريق بين الضعين ونيالا، وكما هو معلوم أن الوالي آدم محمود جار النبي شخصية عسكرية فُرض على الولاية بغرض فرض هيبة الدولة في توقيت كانت الولاية ترضخ وتعاني أوضاعاً مختلة أمنياً، وحدثت بها خروقات امنية من نهب وسلب في وضح النهار، وبعد اكثر من عام ونصف العام يتضح أن الوالي الجديد لم يستطع إلى الآن بسط نفوذه الامني والعسكري وإعادة الاوضاع الى الامن المطلوب والمنشود، ومن المشاهد ان الصورة الامنية المعاشة في الولاية تشير الى وجود تراكمات اخرى ربما دلفت الى الواقع الجديد واستعصت معها تدابير الوالي جار النبي في الخروج منها بحلول مرضية، حيث خرجت على السطح الصراعات القبلية وصراعات الاراضي والحواكير، بجانب تدخلات الحركات الحاملة للسلاح في الواقع الحياتي لانسان دارفور، كل ذلك جعل من مهمة جار النبي شبه مستحيلة، او انها قد تقوده بخطوات متسارعة الى عدم السيطرة على زمام الامور، الامر الذي اعترف به الوالي وبصعوبة إعادة الأمن إلى ولايته بسبب انتشار السلاح في مناطق متعددة بصورة كثيفة، بجانب حرص كل مواطن على اقتناء سلاح بغرض حماية نفسه. وقد سبق وأن شهدت الولاية تظاهرات عفوية جاءت لتراكمات كثيرة سببها حالة الانفلات الامني في المدينة والتي شهدت خلال اسبوع واحد «7» حوادث قتل، أشهرها حادث اغتيال رجل الاعمال الشهير إسماعيل وادي واغتيال مدير التعليم بمحلية بليل واثنين من ابنائه، كما طالب مجلس شورى قبيلة السلامات بإقالته، لجهة انه غير محايد في الصراع القبلي الدائر في المنطقة حسب اعتقادهم، وبحسب مراقبين للوضع فان اجزاء واسعة من الولاية خاصة الطرفية تعيش حالة من انعدام الامن وعدم الاستقرار، وتكررت حوادث النهب في معظم المدن وقد اسهم النهب المسلح بدوره في رفع الاسعار بشكل كبير، إذ تتطلب حركة البضائع بين المدن عمليات تأمين مكلفة، فالحالة الاقتصادية التي تعيشها المنطقة من ارتفاع في الاسعار خاصة السلع الاساسية قادت الى نوع من التفلتات الاقتصادية. وبحسب الاستاذ والمحلل السياسي آدم خاطر أن هناك بالفعل تردي أمني واضح خاصة على الجانب الشخصي، ولكنه عاد وقال ان ذلك لا يعني عودة الاوضاع الامنية الى الوضع الكارثي لدارفور، والذي كانت المنطقة تفقد فيه مجموعات كبيرة في اليوم الواحد، مؤكداً ان تلك الفترة انقضت، مشيراً الى أن استتباب الامن ضرورة ولابد من إيجاد البدائل الممكنة سياسياً والقوات النظامية لحماية المنطقة، اوالعودة للاقتصاد التجاري حتى تكون مستقرة ويجب ان تنظر لها بعمق وتجرد ورغبة في الحل إلا في حال استكمال التفاوض بين الحكومة والحركات المسلحة، وهذا يجب ان يكون في أقرب وقت ممكن، وقال خاطر انه برغم معرفته بالوالي ولكن يبدو ان الظروف المتاحة والتعقيدات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أوسع من العسكرية، حتى لو كان قائداً عسكرياً عظيماً لكن الوضع الراهن في دارفور وجنوب دارفور خاصة في قضايا إعادة بناء اجتماعي واقتصادي وسياسي، يتطلب ان يكون شخصية سياسية من الدرجة الاولى وان يكون محاطاً بمستشارين لهم خبرة في العمل السياسي والاجتماعي حتى يتجاوز التفلتات الامنية ولحين استكمال العملية السلمية بالتفاوض. برغم ان جار النبي جاء وهو يحلم باخراج الولاية من حالة الحرب وقيادتها إلى اتجاه السلام والتنمية وحسم التفلتات الامنية الا انه فشل في هذا الاتجاه، فهل يحلم المواطن بالولاية بوال جديد له القدرة على حسم التفلتات الامنية التي أرقت مضاجعه بين النهب والقتل في وضح النهار؟.

صحيفة الإنتباهة
ع.ش[/JUSTIFY]