د.عبد الوهاب الأفندي

حالة إنكار سودانية مستمرة

[SIZE=5][JUSTIFY][CENTER][B] حالة إنكار سودانية مستمرة [/B][/CENTER] [CENTER](1)[/CENTER]

لم يكن نظام الإنقاذ في السودان في حاجة لمظاهرات الأيام القليلة الماضية حتى يكتشف حجم الرفض الذي يواجهه من المجتمع السوداني. فمنذ سنوات النظام الأولى نجح في توحيد كل أحزاب السودان- على تنافرها وخصامها- في معارضة ضده، بينما بلغ بكثيرين الأمر أن حملوا السلاح تعبيراً عن الاحتجاج والغضب. فهناك ثورات مسلحة في جنوب البلاد وشرقها وغربها وشمالها، وكفى بذلك إظهاراً لعدم الرضى. فمن لم يسمع صوت الهتاف والمظاهرات سيكون مضطراً لسماع قعقعة الرصاص. ومن صمت آذانه عن صوت التفجيرات فإنه بالفعل أصم.

[CENTER](2)[/CENTER]

تفجر المظاهرات في الأيام الأخيرة كان يكفي لإسماع الأصم وتذكير الناسي. إلا أن النظام وأنصاره المتناقصين ما زالوا على ما يبدو يعيشون حالة إنكار ولا يريدون الاعتراف بحجم الغضب الذي يموج في صدور العباد ضدهم وضد سياساتهم. فهم حيناً يصفون المظاهرات بأنها محض أعمال تخريب من فئات إجرامية، وتارة يتهمون محرضين أجانب ومحليين، وتارة أخرى يتهمون المتظاهرين بأنهم مأجورون بذلت لهم الأموال لتقويض الأمن. وإذا لم يصدق العالم ايا من هذا يقال أن ما نراه هو من فبركة الإعلام، وأنه لا توجد في السودان مظاهرات ولا متظاهرون.

[CENTER](3)[/CENTER]

حتى بعد أن خرجت فئة من عقلاء الحزب المفترض أنه الحزب الحاكم، تقرع جرس الإنذار وتبذل لأشياعها النصح بتدارك الأمر قبل أن تغرق مركب الحزب والبلاد، يستمر من بيدهم الأمر في إنكار سطوع الشمس في رابعة النهار، ويكيلون التهم للناصحين المشفقين، ويهددونهم بـ المحاسبة. دفع هذا ببعض من بقي من أنصار النظام للتساؤل عمن هو أحق بالمحاسبة، هل من يبذل النصح ويدعو للإصلاح، أم من أورد البلاد موارد العطب، وفرق أهلها ومزق ترابها، وهو اليوم يهدد حزبه الحاكم ونظامه بسقوط وشيك؟

[CENTER](4)[/CENTER]

بلغ الإنكار بالنظام وإعلامه أن ينفي أولاً وقوع قتلى وضحايا من بين المتظاهرين، ثم تطور الأمر إلى الزعم بأن من قتل لم يكونوا سوى قلة، وأخيراً أن النظام وجنده لا علاقة لهم بما وقع من فتك وتقتيل. ويذكرني بهذا باستراتيجية النظام إزاء أزمة دارفور التي تأسف لهولها الداني والقاصي، ولكن النظام ظل ينكر أولاً أن هنا أزمة، ثم تطور إلى القول بأن من قتلوا لم يكونوا سوى بضعة آلاف، وأن النظام مع ذلك بريء من دمهم. والسؤال هو في الحالين: إذا كان النظام بريئا من دم الضحايا، فلماذا ينشغل كل هذا الإنشغال بعددهم؟ أليس من الأجدر أن يعبر عن الهلع والجزع من كثرة ضحايا المندسين بذلك كما يفعل رصيفه السوري؟ أو لا يتهم نفسه من ينكر وقوع المصيبة، ثم يقلل من عدد الضحايا أو يفتى بأن الأمر كله مختلق؟

[CENTER](5)[/CENTER]

إن النظام قبل كل ذلك وبعده يعترف ضمناً بأن غالبية الشعب ضده حين يسكت الأصوات ويكمم الصحف ويحظر التعبير عن الرأي بكل صورة؟ فلو كان كما قال بعض المتحدثين باسمه، يراهن على الشعب، فلماذا إذن يشن الحرب على الشعب في رزقه، ولماذا يعبر باستمرار عن عدم ثقته في كل قطاعات الشعب؟

[CENTER](6)[/CENTER]

من مصلحة النظام قبل غيره أن يعترف بحجم المشكلة حتى يتمكن من التصدي لها قبل فوات الأوان. وفي هذا المقام فإن عليه أن يشكر من يسمون نفسهم الإصلاحيين لا أن يهدد بمعاقبتهم، لأنهم قد يكونون فرصته الأخيرة قبل الطامة الكبرى. فلو أنه استمع لصوت العقلاء من أنصاره لربما جنبه ذلك وجنب البلاد ويلات لا ينتفع منها أحد ويتضرر منها الجميع. ولكن ما الحيلة مع من أصمهم الله وأعمى أبصارهم؟

[CENTER](7)[/CENTER]

كنت قد استشهدت مراراً في هذا المقام برواية الزعيم الاثيوبي الراحل ملس زيناوي حين قال إنهم كانوا لفترة طويلة في المعارضة يتلهفون لسماع دعوة من نظام منغستو للتفاوض، وكانوا سيعتبرونها نصراً مبيناً، ولكن هذه الدعوة لم تأت حتى كانت قوات المعارضة تحاصر العاصمة أديس أبابا، وأصبح قصر منغستو في مرمى مدافعها. عندها أرسل الرجل رسله طالباً الحوار.

[CENTER](8)[/CENTER]

كان زيناوي يروي هذه الرواية بمثابة تحذير للنظام السوداني من مغبة العناد والتأخر في اتخاذ الخطوات الصحيحة في الوقت المناسب. ونحن نعيد إطلاق هذا التحذير وندعو لتحرك سريع ينقذ البلاد والعباد قبل أن يكون لات ساعة مندم.
[/JUSTIFY][/SIZE]

د/ عبد الوهاب الأفندي
صحيفة القدس العربي
[email]awahab40@hotmail.com[/email]

‫2 تعليقات

  1. يا د.الافندي
    الحكومة تؤكد ان هنالك مندسين هم من خرجوا للتظاهر كما تؤكد ان زيادة الاسعار هي رفع للدعم وهي من اجل رفاهية المواطن وانعاش الاقتصاد كما تؤكد ان القتلى فقط 35 بمافيهم افراد من الشرطة كما تؤكد ان الاحتجاجات انتهت بفضل وعي المواطنين وولائهم للنظام كما تؤكد بانه لو تم تخفيض كل الدستوريين فان دلك لايوفر سوى 2% فقط من الميزانية كما تؤكد بان من يحارب الحكومة في دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان ليسوا الا مندسين مرتزقة وطابور خامس واعداء للدين والوطن وشيوعيين علمانيين وعملاء لليهود كما تؤكد بان المتمردين سيحسمون نهائيا نهاية هدا العام كما تؤكد لاسبيل لانتقال السلطة الا بالانتخابات كما تؤكد بانه ليس هنالك فساد وان المسئولين بالنظام على درجة عالية من التدين تمنعهم من سرقة المال العالم وتؤكد بان السودان سلة غداء العالم كما تؤكد بانها لله لا للجاه ولاالسلطة

  2. بدل الفلسفة والتظير هذا قل للشعب السودان ان يساعد نفسة بدل الركلسة والاعتماد علي الغير في عمل اي شي بعدين لو فرضنا وسمعنا كلامك وتم انهاء وجود الحكومة من الوجود هل انت بتضمن لنا احضار ناس للحكومة الجديد من كوكب ثاني ام من نفس الكوكب وهل سوف تغير لنا الشعب بالله عليك وظف وقتك في كتابة تكون فيها معلومة مثل فكرة لمشروع فردي او جماعي للشباب العاطل المنتظر وظيفة حكومية لاتغني ولاتسمن من جوع تحركو ياشباب السودان خلينا ببطل كلام .