عبد اللطيف البوني

وماذا عن خفض الاستهلاك ؟


[JUSTIFY]
وماذا عن خفض الاستهلاك ؟

مازلنا عند رأينا أن الحكومة لن تطبق من حزمة التدابير الاقتصادية التي أعلنتها؛ إلا قرار زيادة أسعار الوقود والدولار الجمركي وإلهاب حالة السوق الذي هو أصلا ملتهب نتيجة لسياسات الحكومة الاقتصادية العرجاء. إذا وضعنا الجانب السياسي جانبا والذي هو أصل المشكلة والحكومة تتغاضى عن ذلك وبالتالي لن يحدث فيه أي تغيير وكما أن السياسات الاقتصادية لن تتغير ولن يزيد الإنتاج بل سوف يتراجع لارتفاع مدخلات الإنتاج في القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني.
تقول الحكومة إنها تسعى لتقليل الاستهلاك ونحن بدورنا نسألها مرة أخرى (بامارة ايه؟) فالسياسات المعلنة لن تنقص الاستهلاك؟ كيف؟ هناك نوعان من الاستهلاك من حيث منشأة الشيء المستهلك. فهناك مستهلكات محلية وهناك مستهلكات مستوردة من الخارج أي بالدولار. عن المنتجات المحلية فهذه ينبغي السعي لزيادة استهلاكها دعما للمنتج، أما المستهلكات الأجنبية ينبغي التقليل منها ولعل هذه هي التي تريد الحكومة التقليل منها لأنها تكلف البلاد العملات الصعبة.
الفقراء والمساكين، أي محدودي الدخل هم الذين يستهلكون المنتجات المحلية وهؤلاء سوف يعيشون على الكفاف وبالتالي سيقل استهلاكهم للمنتجات المحلية من أزر ولحمة وويكة وام تكشو والذي منه لتناقص دخولهم وارتفاع أسعارها لارتفاع مدخلات إنتاجها وسوف ينعكس هذا على إنتاج هذه السلع سلبا. أما الطبقة المرتاحة أي طبقة الأثرياء التي تستهلك المنتجات المستوردة فهذه لن تتأثر بالحالة الاقتصادية لأن لديها من الدخل ما يجعلها تواكب الزيادات فالبرتقال ابوصرة والتفاح والألبان والأجبان الأجنبية وكل الأغذية المستوردة سوف يستمر استيرادها مهما ارتفع سعر الدولار الجمركي كما أن استيرادها للكماليات سوف يستمر وقد أعلنت الحكومة وفي غمرة الحديث عن السياسات الجديدة السماح باستيراد الكماليات الدولارية!!! وذلك لسبب بسيط لأنها تعلم أن هؤلاء المستهلكين لهذه الكماليات يعرفون كيف يدخلونها للبلاد بالتي هي دوغري وبغيرها، لذلك رأت الحكومة السماح لهم باستيرادها بالباب لكي تستفيد من جماركها.
إذن ياجماعة الخير بهذه السياسات المعلنة لن يزيد الإنتاج ولن يقل الاستهلاك وبالتالي ستظل العقرب في نتحها وما على الشعب إلا أن يأكل ناره. الحكومة قالت إن تطبيق رفع الدعم ماهو إلا جزء من سياسة متكاملة ولكنها للأسف لم تطبق إلا هذا الرفع ولم تعلن حتى هذه اللحظة سياسة دعم الإنتاج- هذا إذا كانت لها سياسة – إذ لم تخفض أسعار مدخلات الإنتاج بل تركتها نهبا للسياسة الجديدة وكذا لم تطبق سياسة لترشيد الاستهلاك ولم تبدأ بنفسها في ترشيد استهلاكها من البنزين ومصروفات الحكم الأخرى. فتحت الباب على مصراعيه لاستيراد الكماليات.
المعالجة الوحيدة التي أعلنتها الحكومة حتى الآن هي دعم الأسر الفقيرة وقالت إن هناك نصف مليون أسرة سوف تتلقى دعما مباشرا من وزارة المالية وهذا أمر في ظاهره الرحمة وفي باطنه العذاب، فهذه الأسر الفقيرة ليست عاجزة عن الإنتاج فلو ذهب مبلغ الدعم المباشر لدعم الإنتاج لكان أفضل لها، ثم ثانيا التكلفة الإدارية لإيصال هذا الدعم كبيرة جدا وسوف تزيد الصرف الإداري وتنقص قيمة الدعم، ثم ثالثا ما هو الضمان لاستمرار هذا الدعم؟ كل التجارب السابقة تقول إن هذه الصدقة قد تصرف لشهر او شهرين ثم يتوقف لاسيما وان هذة الاسر المكلومة الفقيرة ليس لها اي اداة ضغط على الحكومة

[/JUSTIFY]

حاطب ليل – أ.د.عبد اللطيف البوني
صحيفة السوداني
[email]aalbony@yahoo.com[/email]