ضياء الدين بلال

في رأسو ريشة !


[JUSTIFY]
في رأسو ريشة !!

من مصلحة الحكومة لا أن تسمح للصحافة بالقيام بدورها في الرقابة والتوعية المسؤولة، بل أن تساعدها في إنجاز تلك المهام على أكمل وجه.
الصحافة الحرة القادرة على الحصول على المعلومات، والوصول إلى المسؤولين، والتواصل مع الجماهير، تمثل أحد مكونات الجهاز المناعي للدولة.
لا تطفئوا الأنوار ولا تشتروا مخاوفهم!
الصحافة الحرة تكافح البكتيريا التي تستغل غياب الضوء وغبش الرؤية ورخاوة الانتباه، لإلحاق أكبر ضرر بجهاز الدولة، وبنية المجتمع، في مقابل مكاسب ومغانم ذاتية محضة!
من المهم جداً أن تتجاوز الحكومة تصور أن الصحافة تمثل ملاذات آمنة لأعدائها، ومكمن مخاطر مقبلة، فهذا التصور سيصبح المُحدد الدائم للتعامل معها تشريعياً عبر القوانين التعسفية، أو عبر الإجراءات الاستثنائية.. ولا فرق بين الاثنيْن!
لا بد من تجاوز عقدة أن الصحافة هي التي أسقطت حكومة الصادق المهدي في الديمقراطية الثالثة.
الديمقراطية الثالثة أصلاً لم تقف على رجليها، حتى تسقط، فهي لم تتعدّ مرحلة الحبو!
إضعاف الصحافة عبر التعسف القانوني أو الإجراءات الاستثنائية، لا يحقق مصلحة الدولة، بل هو خطر عليها!
الأزمات الاقتصادية التي تعانيها الصحف، ونزع ما بها من (دسم) في المهام التي تأتي تحت لافتات تنقيتها من (السموم)، يمهدان الطريق لموتها سريرياً!
يجب ألا ينجح البعض في تسويق مخاوفهم وهواجسهم الشخصية من الصحافة، حتى لا ترفع الأغطية عن بعض ما يفعلون، يريدون تسويق تلك المخاوف لجهاز الدولة، ليخوض معركتهم نيابةً عنهم!
الصحافة السودانية في كل القضايا المفصلية، كانت أول المعينين في تجاوز الأزمات، وتحقيق الانتصارات. فليس من الممكن أن تكون في الأوضاع العادية، قيد الشك والاشتباه!
رجال السياسة والمال في السودان، من حيث التعامل مع الصحف عدة مجموعات:
مجموعة تدرك أهمية الإعلام من حيث الخطورة والفائدة.. تزن وتقيس ما تقول بدقة.. وتتابع ردود الأفعال بحرص.
مجموعة ثانية مصابة بهستيريا الإعلام وهوس الظهور، تحرص على تشكيل حضور دائم على صفحات الصحف.. تقول ماذا؟ لا يهم. فهي تريد لصورها وتصريحاتها ألا تغيب عن صحف اليوم والغد.
أحد القيادات السياسية المعروفة، ظل لسنوات يكثر من التصريحات، حتى أصبح دائم الحضور على الصفحات الأولى، ولكن مع مرور الأيام وسرف القول، خفت أوزان مواقفه وتدحرج اسمه إلى الصفحة الأخيرة في أخبار المجتمع، مغادراً للمستشفى أو داخلاً إليها..!
مجموعة ثالثة، تعاني من فوبيا الإعلام.. لا تقترب من الصحافيين وتتحاشى اقترابهم منها.. كل شيء تريد أن يدار بعيداً عن الإعلام. وما ترغب في نشره ترى أن يتم عبر العلاقات العامة.. يضعون الأسئلة لأنفسهم، ويجيبون عليها ويصفقون للإجابات بحماس.
ومجموعات أخرى، لا تريد أن تتحدث للإعلام، ولكن تنفق وقتها ومالها، كي يتحدث الإعلام عنها!
ومجموعة مضطرة للتعامل مع الإعلام، ولكنها لا تملك مهارات التعامل معه. لا تجيد اختيار المفردات ولا أفضلية الوقت.. متى يجدي الحديث؟ ومتى يستحسن الصمت؟ فتكثر سقطاتها..!
تجربتنا في الصحافة تقول: أفضل السياسيين هم الذين يتعاملون مع الإعلام كالدواء (قليله لا يفيد وكثيره مضر)!
[/JUSTIFY]

العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني