خالد حسن كسلا : قراءة حديثة لآثار السيول
الحكومة حينما تريد أن تخلي بعض المناطق من السكن العشوائي تواجه مشكلات في ذلك من المواطنين، وتواجه سؤالاً قاسياً: لماذا يُبعد هؤلاء ويؤتى بهؤلاء؟ وطبعاً الدولة السودانية موبوءة بمشكلات أمنية حسّاسة جداً.
وإذا سألت بعض سكان شرق النيل القدامى الذين يقطنون من زمن سحيق في مناطق بعيدة جداً من «السوق العربي»..بل من «سوق بحري».. بل من «سوق حلة كوكو»، إذا سألتهم لماذا لم تسكنوا في المناطق القريبة التي سكنها الآن من جاءوا بعدكم إلى ولاية الخرطوم بعد مئات السنين؟!
سيجيبون بأن أجدادهم قد اختاروا «البادوبات» وهي المناطق المرتفعة عن الأرض، وتركوا «الوديان» المناطق المختلفة والتي تقوم فيها الآن أحياء سكنية جديدة مثل مرابيع الشريف والكرياب وغيرها من المناطق في أنحاء الولاية المختلفة، وحتى بعض الأحياء المخططة تقع أجزاء منها على مجاري سيل أو منخفضات.
في كل عام نتحدث عن أسباب المشكلة.. لأن المشكلة تقع كل عام. ولكن إن قلنا كل سنة بدلاً من كل عام هل أصبنا الحقيقة باعتبار أن لكليهما مدلول مختلف بخلاف ما يفهم أغلب الناس؟! قيل إن السنة تطلق على الحول الذي تكون فيه الشدة والقرآن الكريم الأفصح طبعاً جاءت فيه كلمة «عام» في سياق يختلف من آخر جاءت فيه كلمة «سنة». اقرأ سورة يوسف مثلاً . واقرأ قوله تعالى أيضاً عن دعوة سيدنا نوح عليه السلام:«ألف سنة إلا خمسين عاماً». ونحن في أيام عيد الفطر المبارك الممتدة إلى اليوم السابع نقول حسب العادة كل سنة وانت طيب، لكن الإنسان يكون طيباً كل عام وليس كل سنة.
ولا نريد أن نخطط للسكن في مناطق تجعل المواطنين يواجهون الكوارث، فيعيشون الحول نصف العام ونصف السنة. والإعلام الرسمي كعادته لا يتدخل في مرحلة الوقاية التي هي خير من العلاج.. لكي يوعي الناس بخطورة السكن في الوديان وعلى مجاري السيول لأن المناطق أقرب إلى المدن وأسواقها. إن المدن وأسواقها محاطة بالوديان ومجاري السيول. لكن هذه الوديان والمجاري تقع أيضاً بين هذه المدن والضواحي التي تقطنها بعض القبائل في شرق النيل وبحري وكرري. لكن هذا العام أو بالأخص نصف السنة هذا تبدو الحكومة أكثر تحمساً واهتماماً لاحتواء تداعيات الخريف رغم سقوط ضحايا ومئات المساكن. فالحكومات تأتي في مرحلة المعالجة بعد ان تتكاسل في مرحلة الوقاية.. تأتي في «نصف السنة» من يونيو.. بعد أن تتكاسل في «نصف العام» من يناير وبعد إجازة الميزانية العامة.
غزة وجوبا والعارإذا كان المجتمع الدولي قد اعترف بحركة تمرد كان يقودها جون قرنق في جنوب السودان حيث أصبحت هي الجيش الرسمي للدولة الجديدة هناك، فهل سيعترف في يوم من الأيام بمقاومة الاحتلال في غزة والضفة الغربية التي تقودها كتائب القسام وكتائب الأقصى وسرايا القدس؟! طبعاً إذا رأى المجتمع الأوروبي أن الأولى في ذلك جنوب المقاومة في فلسطين ما دام ان جوبا فيها جيش كان مليشيا متمردة وفشل الآن في حماية الأمن هناك، فإن دولاً عربية مثل مصر سنجد منها ما نسمعه الآن من إعلامها الذي لا يستحي. فهل يريدون شعب فلسطين بلا دولة ولا جيش؟
صحيفة الانتباهة
ت.إ[/JUSTIFY]