مصطفى أبو العزائم

في (التنك)..


[JUSTIFY]
في (التنك)..

في الخيال الشعبي تعتبر (الضربة في التنك) هي أقوى الضربات، و(التنك) هو كلمة إنجليزية عرّبها السودانيون ثم سودنوها، وحروفها أربعة (Tank) إلا أن معانيها كثيرة، فهي تعني الخزان، والصهريج، والقوة المدرعة، كما تعني الحوض والشاحنة التي تنقل السوائل، وربما معانٍ أخرى لا يعرفها كاتب هذه الزاوية.

و(التنك) عند بعض أشقائنا العرب يعني الصفيح وتنطق كما ننطق نحن كلمة (حنك) وعندما يقول لك المواطن السعودي مثلاً أنه يبغى (تنكة بنزين).. فإنه يعني أنه يريد صفيحة بنزين، ونجد أن (التنك) ارتبط دائماً بالوقود في السيارات، وعندما يقول لك مواطن سوداني إن فلاناً (ضُرِب في التنك) فإنه يقصد أن ذلك الفلان ضرب ضربة قاضية، دمرت خزان الحركة لديه.

الآن يبدو أن أصحاب محطات خدمة الوقود سيواجهون ضربة قوية في (التنك)، وستمتد هذه الضربة للمواطن المسكين، سائق المركبة العامة أو الخاصة، وكل من يجلس خلف مقود شاحنة أو بص أو حافلة.. أو أيٍ من عربات الأمجاد والركشات والدراجات النارية (المواتر)، والسبب هو الغبن الذي يشعر به وكلاء ومتعهدو شركات البترول من مواقعهم في محطات الوقود، والناتج عن ضعف العمولة التي يتقاضونها من الشركات، والخسائر التي تأكل من رصيدهم اليومي الكثير.

قطعاً لست صاحب محطة خدمة وقود، لكن لي صديق قديم وحميم، تقاعد من القوات المسلحة بعد أن كان في سلك الضباط، وأصبح متعهداً لإحدى الشركات في واحدة من محطات الخدمة، هو السيد حسن محمود حسن بشير، الذي اطلع على ما كتبناه عن أزمة غاز الطبخ ورأى أننا تناولنا الموضوع بما يخدم قضية وكلاء الغاز والمواطنين والولاية معاً، وقد حرّك ذلك لواعجه ودفع به إلى أن يبعث إليّ برسالة الكترونية تتضمن توضيحاً كاملاً لما يرى هو ومتعهدو شركات توزيع النفط أنه مشكلة تواجههم وتواجه غيرهم، كما أنها سوف تلقي بظلها الثقيل على المواطنين، وقد جاءت الرسالة محذرة ومنبهة ولافتة للانتباه، قبل فوات الأوان، أو كما قال.

مختصر الرسالة المفيد، هو أن أصحاب محطات البترول يريدون لفت أنظار المسؤولين إلى معاناتهم المتمثلة في أنهم كمتعهدين لتوزيع البنزين والجازولين، لا يحصلون إلا على عمولة تسعين قرشاً فقط بالنسبة لجالون الجازولين ومائة وعشرة قروش بالنسبة لجالون البنزين، علماً بأن التبخّر في البنزين يصل إلى اثني عشر جالوناً لكل ألف جالون يتحملها المتعهد وحده ويدفعها من جيبه الخاص، وربما يصل العجز في الشهر الواحد إلى ما بين سبعة وثمانية آلاف جنيه، غير مصروفات خدمات الكهرباء والمياه، ورواتب العاملين، والضرائب والزكاة والرسوم، حيث يتم سداد كل ذلك من (تجارة خاسرة) صبر العاملون فيها وعليها طويلاً، على أمل أن يتم تعديل نسبة الأرباح، لكن انتظارهم لم يثمر.

وقال السيد حسن محمود بصفته متعهد مواد بترولية ووكيلاً لإحدى شركات النفط إن خسارة صاحب محطة الوقود في اليوم الواحد تصل إلى مائتين وأربعة وأربعين جنيهاً لتغطية العجز الناتج عن تبخر البنزين الذي أصبح سعر (الجالون) منه واحداً وعشرين جنيهاً، وهو ما لا يمكِّن الوكلاء وأصحاب محطات الخدمة من البيع للجمهور، وإن هناك ضغوطاً تمارس عليهم من قبل الشركات.

رسالة السيّد حسن محمود نبهتني إلى خطورة ما يجري، وهو عدم الاتفاق المسبق بين شركات توزيع المحروقات وبين وكلائها وأصحاب محطات الخدمة، بما يهدد مستقبلاً بتوقف هذه الخدمة لأنه لا أحد يقبل أن يعمل دون مقابل، دع أن يعمل بالخسارة.

أرجو العودة لعنوان هذه المادة.. لتعرف أن الذي يمكن أن يحدث، هو ما جعلناه عنواناً لما كتبنا.
[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]