الأرض لمن يُفلحها ..!!

:: للدكتور الحاج آدم، عندما كان والياً بالشمالية تجربة فريدة وتستحق الدراسة ثم تطبيقها بكل ولايات السودان..غادر الحاج الشمالية قبل أن يسهب في توسيع تلك التجربة، ولكن بذرة التجربة أثمرت لأهل الشمالية هناك بعاصمة ولائية لم تعد نوبية أو كما كانت، بل سودانية بكل ما تحملها هذه الكلمة من (معان سامية)..وجد الحاج بدنقلا تجاراً من كل ولايات السودان بلا متاجر، و أسراً من كل قبائل الوطن بلا منازل، فشرع في تخطيط الأسواق والأحياء ثم توزيعها – بعدالة مدهشة – لمن يستحقها بغض النظر عن مسقط رأسه أو قبيلته..وبهذا التخطيط الحكيم، إستقر السواد الأعظم من أبناء غرب البلاد وشرقها وجنوبها في متاجرهم ومنازلهم بدنقلا وأطرافها، وإرتفع معدل الإنتاج والحراك التجاري والكثافة السكانية ..!!
:: ثم المهم جداً، بعد تجربة حاج آدم التي ملكت بعض أرض البلد هناك لكل أهل البلد (حسب الحاجة) ، أصبحت دنقلا كما القضارف والخرطوم وغيرها ( ما معروفة حقت منو).. وهذا هو المطلوب على نطاق الوطن، و ليس إستنكاراً لذاك الحق ولكن ليؤكد قومية أي رقعة جغرافية بأرض السودان.. واليوم من يقصد أسواق دنقلا وأحياءها و مدارسها، يسخر من دعاة العنصرية والقبلية و يضحك على خطل تفكيرهم وأمانيهم..ثم، القوة الإقتصادية المنتجة اليوم بدنقلا وأريافها، هي القوى القومية التي إستقرت بتلك الديار وإنصهرت مع مجتمعها.. الخدمات بكل ولايات السودان دون الطموح، وكذلك سواسية كل ولايات السودان في قلة التنمية، ومع ذلك بالشمالية أزمة هي بمثابة مأساة سودانية – وليست شمالية فقط – وهي ( الفقر السكاني)..فالأرض على مد البصر، وكذلك النيل، ثم أعمدة الكهرباء، ولكن للأسف ( مافي ناس)..!!
:: و مرد هذا الفقر السكاني ليس تنموياً وخدمياً فقط، إذ حال التنمية والخدمات بالشمالية هو ذات حال التنمية والخدمات بدارفور و كردفان و النيل الأبيض وغيرها من ولايات السودان ذات الكثافة المناسبة نسبياً، وليست ( مليون و شوية) كما كثافة سكان الشمالية..وتلك الكثافة تساوي تقريباً كثافة ثلاثة أحياء بنيالا التي بلا كهرباء أو أربعة أحياء بالفاشر التي بلا أنهار..على كل حال، أسباب الهجرة والنزوح بالشمالية ليست إقتصادية فقط، وهذا ليس مهماً، فالمهم يجب إيجاد حل لأزمة الشمالية التي تعاني من ( أزمة الناس)، وذلك بفتح فرص الإستثمار و التوطين فيها لكل من يرغب من (أهل السودان).. وفي الخاطر، خبر بصحف الخرطوم، إذ يقول الخبر: (شرعت حكومة الشمالية في توزيع ثلاثة ألاف قطع سكنية بدنقلا لأبناء دنقلا بالسعودية و قطر)، هكذا الخبر ..( خير وبركة)..!!
:: ولكن يجب إكمال الخير والبركة بتوزيع الأرض الزراعية والسكنية بتلك الديار لكل سوداني يقصدها بالرغبة في (الإنتاج والإقامة)، و ليس بالضرورة أن يكون من أبناء دنقلا بالخارج أو أبناء المحس بالداخل..نعم، ما أكثر أهل السودان الذين يستأجرون المزارع والمنازل بدنقلا وغيرها من مدائن وأرياف الشمالية – وينتجون، وهؤلاء جديرون بإمتلاك الأرض المسماة بالحكومية، أي غير لايمتلكها مواطن بشهادة بحث..إبن البلد الذي يفلح الأرض أو يقطنها بالإيجار أولى بال( توزيع والتمليك)..ومنذ بداية هذا العام و إلى يومنا هذا، تفرض حكومة الشمالية رسوماً على إنتاج أبناء الجزيرة ، إذ هم يذهبون من الجزيرة ويستأجرون آلاف الأفدنة هناك ثم يزرعونها، وعند التسويق تفرض عليهم حكومة الولاية عند مخرج البوابة الجنوبية ( الرسوم).. تلك الرسوم ليست قضية اليوم، ولكن المهم كل قطعة أرض بالشمالية لا يمتلكها مواطن (بشهادة بحث)، أولى بها – تخصيصاً أو تمليكاً – هذا المواطن القادم من الوسط أو الغرب أو الشرق أو الجنوب ليفلحها..نعم، فلتكن الأرض لمن يفلحها رغم تكاليف الإنتاج غير المنطقية، وليس لمن ( يسورها ويسافر)..!!
[/JUSTIFY]
الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]