سعد الدين إبراهيم

الزيت ..


[JUSTIFY]
الزيت ..

تتحفني الصحافية الشابة «هناء إبراهيم» بعبارات الشباب الجديدة كل مرة.. ومن ذلك أن علقت على موضوع «كداري» الذي اقترحت فيه المشي «كداري» للجميع بدون فرز حتى نقضي على فكرة رفع الدعم نهائياً فقالت لي: إنها موافقة على الفكرة ولكنها لا تستقيم مع جو بلادنا الحار وأردفت أن المشي كداري بلغة الشباب يسمونه «نشيل الذكريات».. ولعل المقصود الونسة التي تتأتى بالضرورة للماشين كداري.. وهو تعبير جميل في ظني.. لكنها أيضاً عرفتني بمفردة جديدة في لغة الشباب هي «الزيت».. وتقال كناية على الاستحسان.. فإن أعجبك أمر ما تقول: دا الزيت وعرفت أنها بدأت تستخدم بالإنجليزية «أويل» أيضاً..

نحن كنا نقول في فترة عن ذات الكناية «ده الشغُل» وهي عبارة مأخوذة من أغنية هابطة تقول آي ده الشغل.. واستخدمت من قبل المشجعين في كرة القدم حين ينتصر الفريق فيرددونها مُنغمة

لكن عبارة الزيت لم نكن نستخدمها إلا كناية عن العذاب والتعذيب فنقول: فلان طلّع زيتي.. أو والله أقوم عليك أطلِّع زيتك ويمكننا على نحو عبارتنا أن نقول:

ارتفاع الأسعار طلّع زيتنا.. والمواصلات طلعت زيتنا.. وأنا بصفتي مواطناً طلع زيتي في الفترة الأخيرة أحكي لكم..

فقد طلع زيتي وأنا أبحث عن دواء استعمله كالخبز يومياً.. وكان متوفراً لكن بعد مشاكل الدولار وارتفاع الضرائب.. يبدو أن الدواء اختفى أو «إندسه».. الشاهد أني لاحظت عجباً مما حدا بزيتي أن يطلع.. فقد ذهبت إلى صيدلية ووجدت الصيدلي يكتب على صناديق الدواء أسعاراً جديدة.. ويزيد سعر الدواء حسب القيمة.. فالدواء أبو عشرين جنيهاً يضيف إليه أربعة جنيهات وِقس على ذلك.. هممت أن أسأله ولكن كنت أتأمل زيتي الطالع وأحاول كبح جماحه.. ذهبت إلى أجزخانة أخرى ووجدت الصيدلانية تفعل نفس الشيء.. فسألتها إنتو بتزيدوا في الأدوية مالكم؟.. قالت: انت ما بتقرا جرايدكم.. فقلت لها: بقراها في شنو؟.. قالت: ما عارف الدولار والجمارك والضرائب وكده.. قلت لها: آي لكن البضاعة دي مافي الرفوف لسع ما انطبق عليها كلام جرايدنا.. فقالت: آي .. لكن على كل حال الأسعار زادت.. فقلت لها: طلعتوا زيتنا.. فقالت في سخرية زيتكم طالع من زمان.. ولما ولدنا الصيدلي كورك كتلتوه.. فقلت لها: كتلناهو نحن.. أعلنت عليّ الثورة وهاجت: أيوه انتو صحافين ومحامين و.. وخرجت من عندها حتى لا أستجيب لكلامها الناهش في بدني وأعمل مظاهرة براي فأُتهم بالجنون.. خرجت وأنا أحاول أن أنفض زيتي الطالع..

عدت أدراجي.. وجدت «المخبز» شغال.. قلت اشتري الرغيف.. فابتاعني الفران ثلاث أرغفة بي جنيه فسألته: زادوها.. فقال لي: أيوه زادوها انتو مابتقروا جرايدكم.. فطلع زيتي مرتين مرة لزيادة سعر الرغيف ومرة لعبارة قراية جرايدنا الاتكررت دي.. فعرفت أننا كصحافيين نُتهم بما تقوم به الحكومة.. وما عارف نعمل شنو أكتر من العملو «بهرام».. قلت أتفشى سألت الزباين: ياخوانا انتو حكاية زيادة الرغيف دي ما طلعت زيتكم.. فوجدت استسلاماً تاماً إذ قالت لي إمرأة أريت بس يخلوها كبيرة كدي.. وما ينقصوها ترجع تاني صغيرونة زي اللقيمات.. قال شيخ: خلي يزيدوها لغاية ما نبطل أكل الرغيف ونرجع لي قراصتنا وعصيدتنا.. طلعت سذاجته زيتي وقلت له: والله نوعك ده حقو يعملوه وزير مالية.. المهم وجدت أن زيتي طلع بكميات كبيرة.. أخشى أن أصبح مواطناً طلع كل زيته فلم يبقَ من جسدي مساحة لكي يطلع زيتها.. عموماً سأفقد سوائلي الزيتية ويا من طلعتوا زيتنا.. الله يطلع زيتكم.
[/JUSTIFY]

الصباح..رباح – آخر لحظة
[EMAIL]akhirlahzasd@yahoo.com[/EMAIL]