ولو بـ(السيسي)!
علاقاتنا مع القاهرة ما بعد حكومة عدلي والسيسي، لا تزال في مرحلة خطوات التنظيم.
لا هي متدهورة يُؤسى لها، ولا متقدمة يُستبشر بها. الرئيس عمر البشير قال إنها محكومة بقانون شعرة معاوية.
فهم البعض أن وصف الرئيس للعلاقة يشي بأنها في حالة صحية سيئة، لكن من الراجح أن الرئيس البشير أراد الذهاب إلى معنى أو وصف أدق.
ربما أراد من الإشارة إلى (شعرة معاوية) لا تحديد القوة والضعف، ولكن أن يقدم ما يفيد أنها في درجة عالية من الحساسية، اقتضت التعامل معها من الجانبين بقدر وافر من الحذر والحرص.
عوامل الحساسية بين الخرطوم والقاهرة معروفة للجميع.
أهمها كان قبل الإطاحة بحكومة الإخوان، وعزل الرئيس مرسي، وهي قضية سد النهضة الإثيوبي.
وثانيها موقف الشارع الإسلامي في السودان مما حدث للإسلاميين في مصر من قتل واعتقالات.
ويظل ملف حلايب خميرة العكننة في العلاقة من أيام مبارك، مروراً بفترة مرسي، وانتهاءً بحكومة عدلي منصور.
العلاقة بين البلديْن لتعقيدات عدة، لا تحتمل أن تظل لفترة طويلة في منزلة بين المنزلتيْن.
لا تزال كثير من المصالح معطلة، في وقت تزداد فيه المخاوف وتتناسل ثعابين الظنون.
بالحسابات المجردة منزوعة المساحيق، والخالية من كريمات العواطف.
لا يوجد خيار أمام الحكومة السودانية، سوى أن تحدد موقفها من ملف سد النهضة وفق قانون المصلحة، مع مراعاة المخاوف المصرية، وإيجاد ضمانات تطمئن القاهرة.
لا يوجد حل لقضية حلايب في غياب رؤية استراتيجية للعلاقة بين البلديْن.
الأهم من كل ذلك، أن على الخرطوم التعامل مع الحكومة القائمة في القاهرة، باعتبارها حكومة أمر واقع، لا مناص من التعامل معها دون تحسر على ما مضى، أو ترقب لمجهول قد لا يأتي أبداً!
لا شك أن الحكومة السودانية تعاملت مع تداعيات الأحداث الداخلية في مصر، بحكمة افتقدتها في كثير من المواقف في قضايا أخرى.
الحكومة السودانية لم تزج بنفسها داخل حلبة الصراع الداخلي في مصر، كما إنها لم تقف في وجه عواطف قاعدتها الإسلامية في السودان.
العلاقة بين الدولتيْن، يجب أن تحكمها المصالح المشتركة، بغض النظر عن الطبيعة السياسية والأيدولوجية للنظاميْن الحاكميْن.
معطيات الواقع المصري لكل متابع ومراقب، تفيد بتضاؤل فرص عودة الإخوان المسلمين إلى الحكم مرة أخرى، على الأقل في المستقبل القريب أو المتوسط.
الاحتمال الراجح أن المؤسسة العسكرية، لن تعود إلى ثكناتها مرة أخرى، وأن السيسي سيستمر في حكم مصر بصناديق الاقتراع أو الذخيرة. لم يعد هناك فرق بين الاثنيْن ما بعد 30 يونيو!
على ما تقدم؛ الضرورة تقتضي إعادة العافية لجسد علاقة البلديْن، ولو بـ(السيسي).
العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني