أعلن استغنائي عن الهايبو- بطيخ

اليوم أزف البشرى بأن المستقبل القريب قد يشهد تأخير السن التي تظهر فيها أعراض العجز والشيخوخة، فقد اكتشف باحثون في جامعة يشيفا في نيويورك منطقة في المخ تسمى هايبوثلاماس hypothalamus تقوم مقام ما يسمى الساعة الدماغية، وجاء في تقرير نشرته مجلة نيتشر Nature، أن الهايبوثلاماس يطلق بروتين إن إف – كيه بي NF-kB الذي يتولى الفتك بالأنسجة لتبدأ التجاعيد وآلام المفاصل، وبقية أعراض الكعكعة، وقام العلماء بإبطاء نشاط الهايبوثلاماس في الفئران فتأخرت الشيخوخة عندها وطال عمرها بنسبة 20% مقارنة بالفئران التي ظل ذلك البتاع يشتغل في دماغها على كيفه ومزاجه، ويقول بروفسر دونغشنغ كاي إن إبطاء نشاط الهايبو- زفت هذا سيؤدي على الأرجح إلى تأخر عوامل التعرية التي تعتبر «بشائر» العجز والشيخوخة.
ما إن سمعت بتلك التجربة الناجحة لتأخير الشيخوخة وما يتبعها من كرمشة وقرمشة وفقدان القدرة على الفرفشة حتى تذكرت حكاية العراقي الذي تزوج في نفس اليوم ونفس القاعة مع اثنين من أحفاده، فاستنتجت أن هايبوثلاماس صاحبنا تعطل بسبب الطاخ طراخ الذي ظل العراق مسرحا له منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي، ثم البوم بوووم الذي بدأ مع الغزو الأمريكي لبلاده في عام 2003 ويقال إن الأمريكيين استخدموا اليورانيوم المستنفد ضد من وقفوا في وجههم، ثم جاءت حقبة نوري المالكي التي شهدت استخدام جميع أنواع البيف باف ضد بني البشر والحجر والشجر والبقر كما فعل من قبل التتر.. أعني أن الجد العراقي الذي قام بـ«تجديد» شبابه مع اثنين من أحفاده دليل قوي على أن العنف يشل الهايبوثلاماس، ويجعل ابن الثمانين مستغنيا عن الحبة الزرقاء وإخوتها في المفعول المبني للمجهول.
وبما أنني أتمنى لنفسي طول العمر من دون المرور بمرحلة العجز، فإنني أقترح على الباحثين الأمريكان هؤلاء أن يستأصلوا من دماغي الهايبوثلاماس من لغاليغه.. خذوه وخللوه.. ما يلزمنيش، فدوره الأساسي يتعلق بالنمو والتناسل، والأيض أي الـ metabolism (التفاعلات الكيميائية داخل الخلايا في الكائنات الحية).. وأنا لا أريد النمو لأنني «شبعت نمواً»، وخلصت من موضوع التناسل، وعندي ولله الحمد من العيال أربعة، كادوا على مر السنين يجعلونني أمشي على أربعة، ولست من صنف ذلك العراقي الذي يتزوج يوم زواج أحفاده أو عياله، ولا حاجة بي إلى أيض أو بيض، لأن الهايبو بتاع هذا قام بواجبه في هذه المجالات على أكمل وجه وأحمد الله على ذلك، وبالتالي لا أرغب في «النمو».. أنمو أروح وين؟ كل ما أريده وأتمناه هو أن أتفادى العجز والكعكعة وآآآخ.. آآآي.. أففف مع كل حركة والتفاتة، لأنني مثل صديقي غازي القصيبي رحمه الله: أخاف المنية لكنني/ أخاف الحياة مع العجز أكثر.
وأنا شديد التفاؤل بأن عملية إبطاء عمل الخلية التي تتسبب في العجز والشيخوخة في البشر ستنجح معي ومع من هم على شاكلتي، لأنها نجحت مع الفئران. فهناك قواسم مشتركة كثيرة بين الفئران وكل من يعيش في ما يسمى العالم العربي، منها على سبيل المثال لا الحصر، الإحساس الدائم بالخطر والتعرض المتواصل للمطاردة والضرب والقتل، والعيش معظم الوقت في جحور وأكل النفايات.. ومع هذا نظل نتناسل ونتكاثر.. وكما انتصر جرذان ليبيا على السبع الغضنفر معمر فسيأتي يوم نخرج فيه من جحورنا ونعيش طلقاء.. بس فكونا في الهايبوثلاماس من باب اللعب ع المضمون.
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]