«أبيي».. من الثلاجة إلى الفرن!
لم تَقُلْ «جوبا» كما لم تَقُلْ «الخرطوم» إن قضية منطقة «أبيي» مجّمدة، لكن واقع الحال يقول ذلك، ويبدو للمراقبين والمهتمين والمختصين إن الحكومتين في كل من السودان، ودولة جنوب السودان تنظران في أفق قضية العلاقات المشتركة بين البلدين، وهو أفق واسع، تكون النظرة الكلية فيه شاملة ترى من خلالها الحكومتان وأجهزتهما المختصة الكبائر والصغائر معاً، وتريا أن حل القضايا الكبرى والأكثر تعقيداً سيحل بدوره القضايا الأخرى، والأقل تعقيداً.
الحدود المرنة، والقضايا الأمنية، والنقاط والمعابر الحدودية، وتبادل المنافع والتجارة، وتطبيق الحريات الأربع، ستكون حلاً عملياً وموضوعياً للتنازع على منطقة «أبيي» بين قبائل المسيرية ودينكا نقوك..
نعم.. ربما كانت تلك هي وجهة نظر الحكومة في «الخرطوم» ونظيرتها في «جوبا»، لذلك إرتأى القائمون بأمر التفاوض إدخال «أبيي» في الثلاجة، وتجميدها حتى يتم النظر في مجمل القضايا، ليعود لها الطرفان في آخر المطاف، وقد حلت أكثر القضايا العالقة والإستراتيجية، وتكون تلك بداية الحل الجذري للمشكلة.
لا المسيرية ولا قبائل الدينكا نقوك، ولا أطراف لها مصلحةفي تخريب العلاقات بين السودان ودولة جنوب السودان، يريدون تجميد القضية، وإدخالها في ثلاجة الانتظار، لكن التعجل من البعض لحسم الأمر لصالحهم، مثل دينكا نقوك عندما أقدموا على الاستفتاء الأحادي، ذلك التعجل سيخرج القضية من الثلاجة إلى الفرن مباشرة، لأن المسيرة لن يصمتوا ولن يقفوا عاجزين أو متفرجين، وهم سيزيدون نار الفرن إشتعالاً.
من المفترض أن يصل وفد مجلس الأمن الأفريقي إلى «أبيي» في زيارة تستمر ليومين، ليقف ميدانياً على حقيقة الأوضاع في المنطقة، ويتسلم تقريراً من قائد قوات اليونسف حول التطورات الأخيرة المرتبطة بإستفتاء دينكا نقوك الأحادي، الذي ترفضه الخرطوم وجوبا والاتحاد الأفريقي.
قضية «أبيي» هي محل إهتمام السودانيين، مثلما هي محل إهتمام المسيرية والدينكا نقوك، وستظل كذلك إلى أن يخرج السودانان من النفق الضيق، وأخذ الجميع يسهم في تقديم تصورات للحلول، ربما كان أبرز هذه التصورات ما طرحه حزب المؤتمر الشعبي ممثلاً في القيادي عوض فلسطين، وهو الاتفاق على إعلان «أبيي» منطقة تكامل أو تقسيمهماً إلى قسمين، الأول هو أبيي شمال بحر العرب والثاني جنوبه.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]