سعد الدين إبراهيم

استغنوا.. تسعدوا ..


[JUSTIFY]
استغنوا.. تسعدوا ..

المعروف أن غرائز الإنسان الرئيسيه أربعه:الأمومه وبالضروره الأبوة، ثم العطش والجوع والجنس.. أما الغريزه الأولى فيمكن الإستغناء عنها بعد أن تشبعها بأن توصل الأبناء حتى يتزوجوا ويكوّنوا أسرهم..بعد ذلك تداعب أبناءهم (أحفادك) مثلك مثل أي بلاي (ستيشن) .

أما العطش فلا ضير أن تستمر في الإشباع فحتى لو استخدمت (موية صحه) فإنّ تكاليف ذلك ليست كثيرة، أما الجوع فالعلماء يجتهدون الآن في جعل الإنسان إنساناً أخضر، بحيث يعتمد في غذائه مثل مايفعل النبات، والتجارب تجرى حتى يعتمد الإنسان كلية على الماء والضوء.. وبالتالي تكون آزمة الغذاء قد «اتحلّت».. الغريزة الرابعة.. أرى الناس بعد الستين يجتهدون فى إشعال أوارها، مع أن البحث عن ما يجعل الغريزة نشطة أصعب بكثير من الإستغناء عنها.. فطالما للسن أحكام.. وطالما أصبح من الممكن الإستغناء عنها تماماً فهذه سعادة ما بعدها سعادة.. إنك أخيراً تخلّصت من غريزه تستعبدك، وتجعلك في حالة من تقديم التنازلات، وفي النهايه لن تحصل على ماتصبو إليه.. إنها عندئذٍ حيلة نفسية لإثبات التواصل في الحياه ، لكن في الواقع هي تحصيل حاصل،فلماذا لا نهنأ بالاستغناء عنها..؟

هذه الأيام (الوهمه) التي تحاصرني هي سياسة الاستغناء.. وهي أن تتعاهد مجموعة من أصحاب المصلحه الحقيقيه في أن تجتهد في الاستغناء عن واحدة من الغرائز التي تسبّب بلاوي، ويمكن أن تتطور نظرية الاستغناء، فتتواصل فنستغنى عن كثير من الأشياء التي تؤرقنا، فيصبح ذلك أسهل إذا ضغطنا غرائزنا الأربعة إلى ثلاث.. ومن ثم يمكننا السيطرة على حاجاتنا الثانوية، مثل حاجاتنا إلى المحبّة ..

فيحبّ الإنسان منّا نفسه ويكتفي بذلك، وحاجتنا إلى التقدير يمكننا إشباعها بتقديرنا لأنفسنا على نحو (العارف عزو مستريح)، تصبح أهم الحاجات هي حاجتنا إلى الأمن، وهذه لا يمكن الاستغناء عنها.. إلاّ بتحقيق مجتمع مُعافى.. لا يهدّد فيه أحدٌ أمنَ الآخر .. مجتمع بلا حروب.. بلا كوارث.. وهذا مستحيلٌ طبعاً .. عندئذ فالحاجه الوحيده التي لا يمكننا الاستغناء عنها هي حاجتنا إلى الأمن.. بدورنا لا نستطيع أن نعيش حياةً يمكن فيها الاستغناء عن كل شيء… قد يقول لي قائل: طيب يافالح نحن نستغنى وناس تغنى.. كده ما بنكون فرطنا في حقوقنا للآخرين..؟

نقول: الذي يبحث عن الغنى واستمر في إشباع غرائزه فهو عندئذ يصل بها إلى حدّ التُّخمة.. فيشرب ما يشاء..ويآكل حدّ التُّخمه، ويتزوج ويصاحب فوق الطاقه.. وحتى الأمومه والُأبوّه يُفرّط فيها، فينحرف الأبناء ويتعاطون المخدّرات، ويغرقون في ملذات تطيح بحيواتهم ذاتها.. إذن الغنى مقابل الإستغناء لا يضير، ولا يجعلنا نقدم على كون أحدهم أو جماعه من الناس استغلت حالة الاستغناء فأثرت وغنت.. إنّها عندئذ تقتل نفسها بما يجعل الإستغناء فضيلةً يجبُ الحصول عليها والاستمتاع بها، وجعل الحياة هانئة.. نبحثُ فقط عن الأمن واستقراره، دون استعباد لغريزةٍ أو حاجة المستغنى.. حر حريّة الطيور التي تحلّق في السماء لا تخشى إلّا الصقور والصائدين .
[/JUSTIFY]

الصباح..رباح – آخر لحظة
[EMAIL]akhirlahzasd@yahoo.com[/EMAIL]