مكي المغربي

القضية ليست “الإصلاحيين” إنما مطالب “الإصلاح” ذاتها! (2)

[JUSTIFY]
القضية ليست “الإصلاحيين” إنما مطالب “الإصلاح” ذاتها! (2)

حملت الأخبار قرار المؤتمر الوطني بإرجاء موضوع الاستقالات الوزارية، وبالتالي إرجاء التشكيل الوزاري الذي صرحت مصادر (من المؤتمر الوطني ذاته!) من قبل، أنه خلال أيام، وجاءت تسريبات أنه (جاهز في درج الرئيس!) وزعمت صحف أن جميع الوزراء مغادرون، إلا أربعة فقط وغير ذلك من التصريحات والتكهنات والتسريبات.
في تقديري أن المشكلة في الالتزام الأخلاقي، وفي ضرورة الوفاء بالوعود التي قطعتها القيادة للقاعدة، ولكن الواقع يحتاج إلى إصلاح آخر، لا علاقة له بهذا الالتزام.. الواقع يستدعي إصلاحاً يبدأ بالملفات المفصلية الأقل، دستورياً وإدارياً من الوزارات، وهذا ما ظللت أردده دائماً وأضرب له أمثلة متعددة.
على قضية (الإصلاحيين) هنالك جروح بدأت تلتهب، وهنالك محاولات لرأب الصدع وفي تقديري أنها ستنجح.. ومن المؤكد أن الشيخ البروف إبراهيم أحمد عمر لديه رأي حول المعالجة، لأنه صاحب كلمة “تاريخية” في الحزب والحركة الإسلامية، ومن المستبعد أن يقف هذا الموقف داخل شورى الحركة الإسلامية ثم يلزم الصمت.. بل إنني ألمح في إصرار القيادة على إيقاع عقوبات تنظيمية على ما يسمى بالإصلاحيين رغبة في مواجهتهم، ليبدأ الحل بإقرارهم بالمؤسسات والقرارات، ثم المطالبة باستئنافها داخلياً عبر المؤسسات.. بمعنى أن يكون كفارة خطئهم في “توقيت المذكرة” هو الاعتذار للمؤسسات والنزول لحاكميتها عليهم.
باختصار؛ أنا غير منشغل كثيراً بما يتخذه الحزب من إجراءات في مواجهة “الحراك الإصلاحي”.. ولكنني قلق للغاية من معالجة الحزب للمطالب الإصلاحية.. وإذا أخفق الحزب في المعالجة، فإنه يمنح شرعية الأمر الواقع للحراك الإصلاحي، وهي مجموعة في تقديري غير متجانسة، وليست مؤهلة لتكون بديلاً للمؤتمر الوطني. لقد جربنا د.غازي في السلطة، وجربناه خارج السلطة في فترات “التوقف الاختياري والإجباري” التي كانت تحدث له، وأقصى ما أستطيع أن أقول عنه إنه قادر على تقديم أداء تنفيذي مجود ومعقم من الفساد، ولكنني أشكك وبكل صراحة وواقعية في مقدرته على إدارة مفاصل الدولة، ولا يعجبني الحديث المثالي عن طهره ونقائه.. لأنه “وصفة شخصية” استطاع تطبيقها في حدود عمله ولم يبسطها في الدولة، ولا حتى في الهوامش المحيطة به خارج الملفات التي تولاها.. بمعنى أن غازي قادر على هذا الأداء الرائع، ولكنه غير قادر على تطوير غيره من القيام بذات الأداء.. أو بالأصح غير وارد في سيرته السابقة مع احتمال وروده لاحقاً. كل ما ورد من خير في سيرة غازي كان عن أدائه الشخصي.
عموماً أنا أعتقد أن السياسي أحياناً يكون مثل طبيب الميدان، وليس مثل طبيب في مستشفى سويسري.. يكون مجبراً على إجراء عملية جراحية بأدوات غير نظيفة.. والاجتهاد حسب الاستطاعة بالتعقيم بأشعة الشمس أو مياه الأنهار.. السياسي المعياري صاحب المثاليات الأخلاقية المبهرة مثل غازي، حالة خاصة وستبقى خاصة، ولن يستطيع هو نفسه تعميمها على البديل المقنع الذي يتحدث عنه.
لاحظ أن غازي قدم تجاربه فيما يتعلق بذاته وأدائه، ولكنه لم يقدمها في إدارة الدولاب التنفيذي والسياسي للدولة.. بمعنى أنه كان مسؤولاً عن ملفات، ولكنه لم يكن مسؤولاً عن وزراء ووكلاء ووزارات وهيئات، ولم يُمتحن في ذلك حتى يقارن بغيره الذين امتُحنوا في ذلك.
أنا معجب بالشيخ الدكتور غازي صلاح الدين، ولكنني لا أريد أن أسرح في الخيال والأماني حول شخصه، بسبب الإحباط من آخرين.
[/JUSTIFY]

نهاركم سعيد – مكي المغربي
صحيفة السوداني