مكي المغربي

جدل الحريات الصحفية… ومزايدات غير منطقية!

[JUSTIFY]
جدل الحريات الصحفية… ومزايدات غير منطقية!

أرسل لي أحد الأصدقاء اليساريين رسالة في (الخاص) تقول… حديثك عن حقوق الإنسان وحق التظاهر لا يشبه الإسلاميين يجب أن تغادر صفهم لأنك لا تشبههم… شكرته وبحثت له عن رسالة قديمة أرسلها لي أحد أصدقائي من الناشطين في موقع ليبرالي أوربي: (أخشى أن تكون بعد كل هذه المعرفة الجيدة والفهم المتطور مسلماً… بكل صراحة أنا أعتقد أن الإيمان بالإسلام يتناقض مع الإيمان بحقوق الإنسان)… ثم كتبت له… عزيزي (ي ع) وفق هذا الرأي يجب أن نخرج سوياً من الإسلام الآن… أرني بعض حججك الدفاعية لعلني استفيد منها في الرد على سؤالك الخطير!
من مشكلات بعضهم أن لديه نتائج يريد ان يتوصل إليها ويفرضها على الناس…. يريد أن تنتهي المعركة بينه وبين الإسلاميين ببيان يصدره من طرف واحد وبصافرة من حكم يرتدي زي الفريق الفائز وبذلك تنتهي القصة ويغلق الملف للأبد!
خلال احتجاجات سبتمبر كانت هنالك (قراءة سياسية) لبعضهم أن النظام سقط وأن الفكر الإسلامي والإسلاميين سقطوا معه ويجب الحديث بناء على هذه النتيجة وأي (فرفرة) تعني أنك جزء من الحكومة… والمأساة أن هذا التوجه قمة في الشبه بالشمولية والدكتاتورية وإقصاء الرأي الآخر فضلاً عن التعجل الشديد في القراءة السياسية.
من الأخطاء التي ارتكبها بعض الكتاب أيضًا أنه طفق ينتقص من أدوار جهات في قضايا الحريات الصحفية لصالح جهات أخرى (وفق أجندة سياسية غير مبدئية) ويتحدث عن إيقافه عن الكتابة وعدم وجود موقف من الجهة الفلانية والعلانية ويزج في السياق بالمنظمة السودانية للحريات الصحفية مع أن هذه المنظمة هي (الجهة الوحيدة!) حتى الآن التي أصدرت خمس بيانات إبان الأحداث وأول بيان ذكر اسمه وما تعرض له بالحرف ولم يكن هنالك صوت سوداني وطني غير المنظمة يتحدث عنه.
ومن الطريف جداً أن يأتي التنبيه للمنظمة من جهة خارجية تقول: (ذكر الكاتب…. أنكم لم تتخذوا موقفاً بالرغم من أننا لم نعلم بقضيته إلا عبركم هل هنالك فهم خاطئ مثلا؟) الجواب: شكراً للاستفسار ولا ننزعج لمثل هذه الأشياء… ما حدث له أمر مؤسف وما حدث منه أمر مؤسف أيضاً… لكن هنالك تشوهات كثيرة في العمل الصحفي بسبب تسييس المواقف في قضايا الحريات والإصلاح يحتاج إلى وقت وجهد ولدينا خطط وبرامج في هذا الصدد… الملفات مرفقة نرجو أن نستفيد من هذه المناسبة باطلاعكم عليها) خلال احتجاجات سبتمبر أيضاً اندلع نقاش على الفيسبوك حول (إضراب الصحفيين) وقد جاء ضمن التوجه المستبطن بتحويل الصحفيين إلى ناشطين وبذلك يتركون ممارسة المهنة وينخرطون في المشاركة المباشرة في الفعل الجماهيري وكأن الصحفي لا يعتبر ناشطاً في حقوق الإنسان إلا إذا اتخذ موقفاً سياسياً محدداً.
ردودنا أثناء النقاش كانت مصوبة نحو ضرورة إبراز أي مادة او أي فقرة في مستند من مواثيق الشرف الصحفية المحلية والدولية تمنح الصحفي حق التوقف عن الصحافة في أزمة أو كارثة أو أي حالة طارئة…. انهارت الفكرة مباشرة والسبب بسيط للغاية أن الحديث عن توقف الصحفي مثل الحديث عن إضراب أطباءالحوادث والإسعاف فالصحفي آخر من يضرب.
الصحفيون من الشرائح التي قدرها أن تبقى قيد العمل تحت أي ظروف… وهذا التزام يتعلق بأخلاقيات وطبيعة المهنة… المزاديات في هذا الموضوع تناقض أخلاقيات المهنة.
[/JUSTIFY]

نهاركم سعيد – مكي المغربي
صحيفة السوداني