الأسعار لا تكذب” أكثر من ألف قيادي بـ”الوطني” من أعضاء القطاع الاقتصادي بالحزب لولاية الخرطوم في المهمة الصعبة.. مشاهد من داخل القاعة الدولية الباردة
بعد أن تلى الشيخ دفع الله آيات من القرآن اختارها بعناية تحض على الإنفاق ومراعاة الفقراء، دس مقدم البرنامج طلبا في مسامع الحاضرين أشار فيه إلى أن الفقرة التالية متابعة لفيلم وثائقي عن البرامج الاقتصادية بالولاية، ولكن الأمر كان عبارة عن ألبوم صور مكررة لشخصيات في قيادة الولاية وهي تمارس هوايتها ببراعة في الحديث عن الانفراج، رغم أن العرض صامت لا كلمات فيه سوى الموسيقى التصويرية، ولكن قليل الفطنة يجعلك تفهم ما قال هؤلاء.. “روشتة” عاجلة عن مكامن الخلل والضعف وبواطن التقصير دفع بها د. أحمد المجذوب نائب رئيس القطاع الاقتصادي بالمركز إلى طاولة المؤتمرين، وكأنه أراد أن ينشط فيهم ذاكرة التفاكر ويبعث فيهم شيئا من الهمة، فالرجل مارس حدة ناعمة وهو يوجه نقدا قاسيا للولاية فيما يتعلق ببرنامجها الاقتصادي، وضع أرضية تمهيدية لكلماته قامت على التذكير بأهمية الخرطوم كونها تحمل في جوفها ربع سكان البلاد، وفوق ذلك وفقا لمجذوب أضحت ملجئا لبعض المتأثرين من الحرب ما ألقى بظلاله على الخدمات وخلق بدوره مؤشرات ينبغي التعرف عليها. وفي تشخيص الواقع، قال المجذوب إن الإنتاج يمثل قضية رئيسية ومحل اهتمام، وهنا قذف بسؤال مفاده.. هل الولاية توفر البيئة المناسبة لتحقيق الانطلاق في محور الإنتاج؟ وأضاف المجذوب وهو من رجالات قلة في الإنقاذ يعتمد عليهم في تحديد مسار الشأن الاقتصادي: “رغم أن الولاية سعت في مجال البنى التحتية لكن لا زالت هناك موارد لا تستغل”، وأردف: “تحولت بعض مناطق الإنتاج إلى مناطق سكنية لم توفر فيها بيئة ملائمة للسكن”. وبحسب المجذوب، إن الخرطوم استطاعت أن تحتضن عددا من الجامعات التي توفر المورد البشري والقدرات العالية، ولكن لا زالت البطالة تمثل خطرا ومهددا للسلام والأمن الاجتماعيين، وتساءل ثانية “كيف نقدم رؤية للاستفادة من هذه الموارد؟”.
انحصرت كلمات الخضر في جرد حساب لدفتر مهمته، وطاف على الخطط والبرامج التي وضعت لإصلاح الاقتصاد في الولاية وما تم منها وما لم يتم. أخذت كلماته جانبا مهنيا أكثر منه سياسيا بعد أن بيّن صعوبة المهمة في ولاية أصبحت في مرمى الهدف وفي مواجهة الصدمات الاقتصادية.. لكن بدرالدين محمود، وزير المالية، وهو يأتي في قائمة قليلي الكلام كثيري الصمت في كابينة الإنقاذ، عكس سلفه السابق على محمود.. بدرالدين جعل مدخله سياسيا، بحث وطاف في دهاليز السياسة، حتى ظن المتواجدون من أهل الإعلام أن الرجل ربما تقمص شخصية النائب الأول للرئيس بكري حسن صالح كون بدرالدين جاء إلى المؤتمر ضيف شرف بعد أن اعتذر بكري لظروف خاصة، فالرجل ألقى مقدمة طويلة عن الحصار ومكائد الكائدين، وقال إن التحديات التي تعرضت لها البلاد أدت إلى تباطؤ الاقتصاد، ولكنها لم تؤد إلى فتور العزيمة، وأضاف: “تعرضنا لحصار جائر ولكن نقول للذين يعتقدون أن هدفه إسقاط النظام هم مخطئون لأن هدفه أولا الوطن الكبير بعقيدته ومبادئه وخلق فوضى خلاقة تؤدي إلى عدم الاستقرار، لذلك أولا يجب أن نتمسك بمبادئنا التي طرحناها، وكل ما دفعنا ثمنه تضحيات دون الركون”.
بعدها تدحرج كلمات الرجل إلى الاقتصاد، أعطى ملامح عن البرنامج الخماسي الذي تعتزم الدولة تطبيقه في الأعوام المقبلة، إلا أن البرنامج يواكب المرحلة الدستورية المقبلة خمس سنوات التي تبدأ من 2015 إلى 2019، ونوه إلى أن أهم ملامحه اتخاذ التحرير الاقتصادي منهجا منضبطا بضوابط الشريعة الإسلامية، وعلى الولايات تنظيم التحرير بمنع الغش والتدليس والتطفيف، بالإضافة إلى استعادة الاستقرار ورفع المعدلات الموجبة في النمو وزيادة الإنتاج، وإحداث تنمية متوازنة وضرورة توزيع مشاريع التنمية بين الأقاليم بعدالة منعا لدعاوى التهميش. يقوم البرنامج الخماسي بحسب بدرالدين على محاور أبرزها المالية العامة وإحداث إصلاح ضريبي وجمركي لزيادة إيرادت الدولة وجمعها بعدالة والتركيز أكثر على الضرائب المباشرة والعمل على زيادة إيرادات كل الولايات في الدخل القومي، وترشيد الصرف والإنفاق الحكومي، وضرورة الاستمرار في الحزم التي تؤدي إلى إعادة هيكلة الدعم خروجا من دعم الاستهلاك إلى الإنتاج ثم تقوية ودعم الفئات الضعيفة.
اليوم التالي
خ.ي