جعفر عباس

قد يكون عالما ولكنه غبي

[JUSTIFY]
قد يكون عالما ولكنه غبي

ديفيد كينغ شخصية بريطانية مرموقة، فقد كان مستشارا لحكومة بريطانيا للشؤون العلمية لعدة سنوات، بحكم تخصصه الأكاديمي (في مجال العلوم الطبيعية) مما أهّله للانضمام إلى طبقة النبلاء، بالفوز بلقب «سير».. وهو عريض المنكبين وطوله طول النخلة و….بالضبط: «عقله عقل السخلة»، والسخلة لفائدة المستغربين من القراء هي بيبي المعزة/ العنزة! هل ظلمت الرجل؟ لتكن أيها القارئ الحكم المحايد: ديفيد كينغ هذا أشرف على أكثر من مائتي تقرير تتعلق بحقوق الإنسان….لا داعي للعجلة واستنتاج ان الرجل مستنير وذو ضمير طالما أنه مهتم بحقوق الإنسان.. التقارير تتعلق بحقوق الإنسان الآلي.. الروبوت.. قالوا له: يا رجل انطسيت في عقلك ونافوخك؟ أي حقوق وأي بطيخ للروبوت؟ قال: من الوارد جدا ان تصبح الروبوتات ذات ذكاء فائق، ومن ثم لابد من ضمان حقوقها كاملة بما في ذلك حق التصويت في الانتخابات وحرية الحركة، والمعونات المالية في حالة فقدان العمل، والضمان الصحي (حتى يتسنى له شراء قطع الغيار ودفع نفقات إصلاح ما يلحق بها من أعطال).. ومعاش التقاعد! أقسم بالله ان ما أقوله على لسان الرجل ليست تخاريف جعفرية بل أنقلها بالمسطرة من عدد جريدة «التايمز» اللندنية ليوم الثلاثاء 24 إبريل الماضي ويمكن الرجوع إلى هذا العدد في الانترنت لقراءة تقرير بعنوان:
Human Rights for Robots We are getting carried away
والجملة الأخيرة في هذا العنوان تعني بالمصري «زودناها حبتين».. يعني الصحيفة ترى في الحديث عن حقوق الإنسان الآلي شطحا ونطحا في الفاضي.. قرأت عن الحقوق التي طالب بها السير ديفيد كينغ للروبوت وصحت: حسرة عليك يا أبو الجعافر.. حق التصويت الوحيد المكفول لك هو ان «تصوِّت»/ تصيح: يا لهوي عندما تنتهك حقوقك.. ضمان صحي؟ مستشفياتنا تعاني من أزمات صحية مزمنة! حرية الحركة؟ طلب إجازة من جهة عمل وتصريح خروج من الكفيل والزوجة.. لا أريد ان «أقلب» المسألة إلى قضية شخصية رغم ان ما قلته عن نفسي ينطبق على معظم القراء.. ولكن ما لم يتطرق له السير كينغ هو: من سيضمن حقوق الإنسان البشري إذا تغول عليها الإنسان الآلي.. في العراق الآن يتم استخدام روبوتات لاقتحام مواقع يخشى ان تكون فيها كمائن تستهدف القوات الأمريكية، وهذه الروبوتات، مثل طائرات الدرون (التي تطير بلا طيار) لها قدرات قتالية، يعني إذا اشتمت رائحة الخطر فإنها تفتح النار وتدمر كل ما أمامها.. طيب ما الذي يضمن لأهل بغداد والبصرة والموصل والرمادي والأنبار مثلاً ان الروبوت المحارب سيميز بين عناصر جيش بدر وجيش الدعوة وجيش البعث وجيش رئيس الحكومة وجيش وزير الدفاع وجيش وزير الداخلية والجيوش الرسمية السرية الأخرى؟ السؤال في محله وخاصة وقد بات معروفا أن أسلحة الولايات المتحدة الذكية لا تقل غباء عن المسئولين الذي أمروا باستخدامها.
وقد يكون ديفيد كينغ عالما وحاملا للقب «سير»، ولكنني أقول بقلب جامد إنه غبي؛ لأن الروبوت يستمد ذكاءه من الناس الذين يصنعونه، ولا يمكن أبدأ أن يكون «المصنوع» أفضل من «الصانع».. والروبوت أولا وأخيرا جهاز مثل غسالة الملابس والمكنسة الكهربائية، يتعرض للعطل والتلف بل قد يصير كلش خراب بسبب عامل الزمن.. يا عمي، ابن آدم يتلف بمرور والزمن ثم يدفن في قبر والروبوت على الأقل يوضع في مخزن أو يتم تفكيكه للاستفادة من بعض عناصره.. بالمصري يا ديفيد يا بتاع حقوق الروبوت: جالك كسر في حُقك.
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]