التواضع الزائف ..
صدعتنا قناة النيلين الرياضية عشية نقل مباراة الهلال والخرطوم بديباجة عرضتها لساعات طويلة تفاخر فيها بأنها وقناة السودان تمكنوا من نقل أربع مباريات فى الدورى فى يوم واحد, ولا ادرى ما الأعجاز فى هذا.. قناة رياضية تم دعمها رسمياً لنقل المباريات تفتخر بالعمل المنوط بها القيام به.. قنوات الجزيرة الرياضية هذه الايام تنقل يومياً اكثر من عشر مباريات وماخرجت يوماً تفاخر بهذا لأنه من صميم عملها..
تذكرت إننى التقيت قبل ايام فى مبانى التلفزيون القومى بالفنانة والاعلاميه الاستاذه نعمات حماد وهى فى زيارة سريعه للوطن.. وسألتها: ماذا يشغلها هذه الأيام؟ فقالت: تواضع السودانيين.. خاصة فى المحافل الدولية.. واسمت ذلك بالتواضع المضر.. هذا شكل من أشكال التواضع أن نعتبر القيام بالواجب انجازاً.. واداء الدور المناط بنا اعجازاً.. هذا تواضع فى الهمه.. فإذا كانت القناة ترى فى نقلها لأربع مبارايات انجازاً كبيراً واعجازاً منها وهى قناة رياضية وهذه مهمتها فما التطور الذى ننشده منها.. ما العشم فيها .. مثلاً.. من ادوارها ان تنشط الاهتمام بلعبات أخرى غير كرة القدم .. كرة السله.. كرة اليد.. الكرة الطائرة.. الملاكمة.. السباحه وغيرها لأن المطلوب منها إحداث حراك رياضى شامل وهذا حسب تواضعها المضر يعتبر من المستحيلات..
أما التواضع الذى تحدثت عنه الاستاذه نعمات فهو فى احساسنا بالدونية واحجامنا عن التعريف عن قدراتنا ومكتسباتنا العلمية والفكرية والحضارية وكنت ذات حوار مع البروفيسر على شمو قد سألته عن هذا الأمر.. فقال: هذا ما جبلنا عليه فأنا لا استطيع مثلاً تعريف نفسى لأنال فرصاً استحقها حتى فى دخول المستشفى أو المؤسسات.. قال حتى فى الخارج لا اعرف نفسى إلا بتواضع فلا اجد الاحتفاء اللازم حتى يتعرف على أحدهم.. ويعرفنى هنا تتغير المعاملة و درجة التقدير والتوقير
هذا التواضع اورثنا تقاعساً وإن كنا بالمقابل لا نرضى «الحقارة» فكل كتابنا يحتجون على مادرج العرب مؤخراً على وصفنا به من اننا شعب كسول فبصراحة ألسنا فى جوانب كثيره نتصرف بكسل.. قرأت مؤخراً بأننا سنستعين بعماله اثيوبيه فى مهمات الحصاد.. لماذا؟ البعض قال لأن الناس انصرفوا عن الزراعة الى التنقيب عن الذهب الذى يشبه جوائز اليانصيب.. فيريد الفرد أن ينال ثروة عظيمة بضربه واحده حين يعثر على كميه من الذهب فى فترة محدودة بأقل مجهود.. لا ندخل فى شراكات مع بعضنا .. لا نسعى الى استيراد أجهزة حديثه وناجزه فى التنقيب عن الذهب معظمنا يذهب بيديه وعلى الاكثر معه آلات بدائية والاحلام العريضه والأمال الواسعه ومعاونة الاقدار لنا.. وانظر الى النتيجه واحد فى الألف يحصل على بعض احلامه.. وبعضنا يموت عديل لبدائية التنفيذ
إن لم نكن شعباً كسول فماذا نحن إذن.. بل نحن شعب وحكومة نعانى من داء الكسل.. انظر الى خطط تعويض رفع الدعم ماذا تحقق منها وماذا يعنى دعم اسرة فقيره بمائة وخمسين جنيهاً فى الشهر إنها تساوى اربعمائة وخمسون رغيفة فقط..إنها تساوى اتنين كيلو ونصف من لحم الضان وثلاثه كيلو من العجالى.. انها تساوى خمسة وثلاثون كيلو موز.. إنها تساوى اقل من ثلاثة مشاوير بعربة امجاد من الثوارات الى الخرطوم أو من الكلاكلة الى الخرطوم.. إنه تواضعنا المضر حسبما قالت الاستاذة نعمات حماد .
الصباح..رباح – آخر لحظة
[EMAIL]akhirlahzasd@yahoo.com[/EMAIL]