تحقيقات وتقارير

سقوط أخلاقي ومهني للمحكمة الجنائية الدولية

[ALIGN=JUSTIFY]عادل النيل
عندما وضعت الادارة الاميركية السودان في قائمة الدول الراعية للارهاب كان ذلك بناء على توصية للاستخبارات المركزية التي اعتمدت على اكثر من مئة تقرير تزعم تورط السودان في الارهاب , وقد اثبتت التقارير بانها لا اساس لها من الصحة , وذلك ما اكده البروفيسور ديفيد هويل الخبير البريطاني في مجال الاعلام , وفي الواقع فان كل ما يتعلق بالسودان في الدوائر الغربية تتم فبركته وحياكته مخابراتيا لتضليل الراي العام العالمي , وهي الية اثبتت نجاحها للاسف في ظل تواضع خطوط الدفاع الدبلوماسية والاعلامية لدينا , ولذلك ليس غريبا ان يتجاوز مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو الخطوط الحمراء ويتجاهل سيادة دولة ونظام المحكمة التي يمثلها ليمارس القرصنة في عالم اصبح فوضويا ياكل القوي فيه الضعيف .
اوكامبو لم يعد لديه عمل سوى دارفور وملاحقة الوزير احمد هارون وعلى كوشيب فيما تشتعل النيران في كل ارجاء العالم , وترتكب كثيرا من الجرائم باسم العدالة والديمقراطية وبالادلة القاطعة , ولكن المدعي الدولي متفرغ للسودان ومشغول به حتى لو كان ذلك على حساب نظام محكمته ومهنيته في ادارة موقعه , ففي العراق جرائم يومية اكثر تدميرا للانسان مما يحدث من اكاذيب دارفور وتهويل صراعها , وفي الاراضي الفلسطينية جرائم ابادة وحشية للبشر والحجر والزرع والضرع تحدث يوميا , ويوميا يموت الصوماليون وينزحون من بيوتهم المدمرة , فيما اوكامبو يسير باتجاه واحد نحو السودان .
وهذا التفرغ للسودان يفرغ الرجل تلقائيا من النزاهة والموضوعية ليصبح غير مؤهل للنظر في ادعاءات ما يحدث في دارفور , واعتراف مكتبه بمحاولة اختطاف طائرة الوزير هارون ان صحت او كذبت فانها اشارة سلبية لعدم المهنية والعبث بالقانون الدولي والاستهتار بسيادة الدول وعجز المحكمة في ظل وجود اوكامبو عن القيام بدورها العدلي , لان الجريمة لاتبرر ارتكاب جريمة خاصة ممن يقوم بدور الشرطي , واختطاف الطائرات جريمة من الدرجة الاولى في القانون الدولي تعكس مدى رداءة الادارة القانونية للمحكمة وتخبطها في تطبيق القانون .
بعيدا عن عدم تصديق السودان على نظام روما الذي انشئت بموجبه المحكمة الجنائية الدولية خارج منظومة الامم المتحدة , من المهم التحرك لاثبات عدم اهلية اوكامبو لهذا الموقع رغم صعوبة ذلك ولكن تاكيد الحق في عدم التعاون والتعامل مع مسؤول دولي وضع قضية قانونية في اطار شخصي ليس امرا صعبا , فسلوكه غير المهني دمر العلاقة مع دولة يفترض ان تتعاون في حدود ضيقة مع مؤسسة دولية تتبع للامم المتحدة لا تلزم عضوا غير موقع بمقرراتها او اجراءاتها .
لم تثبت المحكمة الجنائية الدولية ابادة جماعية في دارفور وهي اعجز من ان تثبت ذلك , وبالتالي فان اتهام هارون وكوشيب يقوم على مسوغات باطلة , كما لم تثبت ارتكاب جرائم حرب او جرائم ضد الانسانية خصوصاً في ظل ظروف الصراع المعقدة في دارفور حيث الحرب كر وفر بين القبائل , ومن الصعب وضع حد لذلك , وبالتالي لا يمكن ايضا اثبات التهم , وعدم تسليمهما لا يمكن تفسيره على انه خوف من المحاكمة ولكنه الخوف من الاباطيل والفبركة الجنائية للادلة التي قد تدينهما , لان المسؤولين الدوليين سواء في المحكمة او المنظمات الدولية العاملة في دارفور غير شرفاء كفاية في تعاطيهم مع مجريات دارفور ولهم اجندتهم المعادية للسودان.
ومن حقنا التشكيك في نيات منظمات الاغاثة والمحكمة , والجزم بان الحكم صادر بحق المسؤولين السودانيين مسبقا , وواقع الحال في دارفور يكشف الدور الخفي لهذه المنظمات في التلاعب بقضية دارفور واستخدام اوكامبو كمخلب قط مزعج ومشاغب في تهديد استقرار السودان , ولذلك من الطبيعي ان يتجاهل ابادة الفلسطينيين وجرائم الحرب الاميركية في العراق وافغانستان ليجد له حضورا قانونيا من خلال السودان الذي اصبح بالفعل قضية شخصية له جعلته يفكر في اختطاف الطائرات وممارسة القرصنة .
هذا السقوط الاخلاقي والمهني للمحكمة الدولية ينبغي ان يعيد النظر في اهلية المحكمة ومحاسبة السيد اوكامبو على سلوكه الشائن في تطبيق القانون في اطار نسبي يرهق روح القانون ويؤذي الضمير العالمي , فلمدعي المحكمة الدولية ملفات ضخمة في اطار صلاحياته لم ينجز فيها شيئا ويركز على دارفور في الوقت الذي يحترق العالم من خلفه في العراق وفلسطين وافغانستان والكونغو الديمقراطيه واوغندا , وقد تلقى مكتبه في فبراير 2006م مائتين واربعين اتصالا فيما يتعلق بغزو العراق فى مارس 2003م تزعم ارتكاب مختلف جرائم حرب هناك ولكنه لم يفعل شيئا , فهو لا يستطيع ان ينجز عملين في وقت واحد ولذلك فيما يبدو يكتفي بدارفور وصراعها المصنوع عما يحدث في العالم الحقيقي.
كاتب سوداني*
(smc)[/ALIGN]