11 سبتمبر..الحصـة الثالثة عشرة؟!!
وبحلول الساعة التاسعة و «50» دقيقة انهار البرج الشمالي لمركز التجارة العالمي ، وبعد ذلك بعشرين دقيقة تحطمت طائرة مدنية رابعة غربي بنسلفانيا، وفي تمام العاشرة و «29» دقيقة انهار البرج الجنوبي لمركز التجارة لقد عاشت الولايات المتحدة الامريكية اسود ايامها ولم يحل الليل حتى كان البلد باكمله قد اغلق ابوابه.
بوش.. وكابوس الإرهاب
عندما وصل الرئيس الامريكي جورج بوش الى البيت الابيض في يناير 2001م كانت اهداف سياسته الخارجية تبدو ضعيفة متواضعة بالنسبة لرئاسة دولة مثل الولايات المتحدة الامريكية، وكانت تبشر بتقلص المشاركات العسكرية الامريكية من الخارج بدلاً من توسيعها، وكان يميل لتطبيق شعار عزلة امريكا من العالم ولكن الـ «19» شهراً «المرت» على بوش في البيت الابيض والهجوم على نيويورك وواشنطن جعلت بوش يخرج الي العالم ليصدر مبدأً يسمي مبدأ بوش، حول سياسته الخارجية ويقول ان الولايات المتحدة تنشر اسلحة نووية او بيولوجية اوكيماوية، وظلت بؤرة الضوء محوراً استراتيجياً اطلق عليه «عصر ما بعد الحرب الباردة»، وذلك من خلال السياسات التي نفذها بوش بعد سبتمبر سواء على الساحة الدولية او داخل امريكا نفسها، وهي كلها سياسات اطلق عليها المراقبون اوصافاً عديدة لها مثل العدوانية والقمعية والاستبدادية وغيرها.
والحرب ضد الارهاب في عهده اصبحت مقدسة او صليبية.
لماذا تعرضت الولايات المتحدة الامريكية بالذات لهذه الهجمات؟ وهل تعرضها لظهور ظلمها العالمي؟
يعود الخبير الاستراتيجي د. حسن مكي الى بداية تشكيل ملامح الصورة تلك، فبعد الاجتياح السوفيتي لافغانستان دعمت الاستخبارات الامريكية المجاهدين لمحاربة الشيوعية، وبعد انتهاء مهمتهم طاردتهم وحاربتهم، بالاضافة لموقف الولايات المتحدة الامريكية من فلسطين وقضايا الجماعات الاسلامية في العالم الاسلامي وحربها على القاعدة بقيادة اسامة بن لادن، كل ذلك نتيجة احداث سبتمبر وامريكا لم تقض على القاعدة بدليل تولي ايمن الظواهري المسؤولية، والآن القاعدة نامية في العالم الإسلامي بما يسمى الدولة الاسلامية في الشام والعراق وفروع القاعدة كما في الصومال «حركة المجاهدين الشباب». ولذلك لا يمكن القول إن الولايات المتحدة الامريكية نجحت في حربها على القاعدة.
أما بخصوص مبدأ بوش الذي جاء بعد الهجمات على نيوريورك، فإن واشنطن قد اعطته تصريحاً غير مشروط بأن يفعل ما يشاء في اي مكان في العالم، لكن داخل الولايات المتحدة الامريكية كانت هنالك اصوات تنادي للسلام العالمي، وحتي جون كنيدي قتل لأنه كان ينادي للسلام العالمي، فظهور كتب مثل كتاب «بيت الحرب» لجيمس كارول يوضح أن هناك جنرالات في الجيش الامريكي دائماً ضد السلام العالمي، لأنهم كانوا مع تجار السلاح وكانوا مع اسرائيل، وان اليمين الامريكي كان لا يثق في الاتحاد السوفيتي ولا يثق في الدول الاشتراكية ولا يثق في حركات التحرر في العالم.
مكافحة الارهاب
يقول د. علي عبد العزيز «استاذ القانون الدولي»: لقد اجتمعت مواقف الدول علي ان الانشطة الارهابية تهدد المجتمع الدولي لأنها تعتمد على استخدام القوة بقصد ارتكاب اعمال عنف ضد شعوب باكملها وضد بلدان وافراد، وتؤثر في حياة اناس ابرياء وفي صحتهم وامنهم وممتلكاتهم، وتعطل النشاط الاقتصادي والاجتماعي اليومي. وقد برز اثناء المناقشات التي استمرت سنوات كثيرة اتجاهان رئيسيان في معالجة موضوع الارهاب: لقد رأت هذه الدولة ان الارهاب قد استفحل ضرره واتسع نطاقه وتنوعت اشكاله، وكثر ضحاياه. وترى هذه الدول ان على اولئك الذين يريدون جذب انظار العالم الى قضاياهم ان يجدوا طريقة اكثر تمدنا من الارهاب وتكون مقبولة من الجميع لنشر آرائهم بدون عنف، وفي غير هذه الحال تبقى اعمال الارهاب مدانة وبغيضة وتجب مكافحتها بغض النظر عن دوافع مرتكبيها. ويذهب الاتجاه الاول الى ضرورة قمع الارهاب بشدة دون النظر الى اسبابه ومبرراته السياسية، ويدعو الى قيام تعاون دولي لمكافحته خاصة في ما يتعلق بتبادل المعلومات وتسليم الفاعلين ومحاكمتهم.
ويشير اصحاب هذا الاتجاه الى ان حق الشعوب في الكفاح من اجل التحرير وتقرير المصير لا يجوز ان يتضمن اعمالاً ارهابية ضد مدنيين ابرياء، وذلك وفق احكام ميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي بوجه عام. اما الاتجاه الثاني: فقد تكتلت فيه معظم الدول الاعضاء في الامم المتحدة خاصة دول العالم الثالث والدول الاشتراكية، ويؤسس اصحاب هذا الاتجاه موقفهم المبدئي على رفض الارهاب بمختلف اشكاله وادانة اعماله وفاعليته بشرط ان دراسة التدابير الرامية الى منعه يجب ان تقترن في الوقت ذاته بدراسة الاسباب الكامنة وراءه، من اجل ازالة هذه الأسباب التي يتمثل بعضها في السياسات الاستعمارية والاحتلالية والعنصرية واستعمال القوة من اجل التوسع والسيطرة وسط النفوذ والتدخل في الشؤون الداخلية للدول.
إن الهدف من السياسة هو محاربة الارهاب، لأن العنف له ارتباط وثيق باللعبة السياسية او بالسياسة سواء على المستوى الداخلي او الخارجي، كما يرتبط مفهوم الارهاب الدولي بأسلوبي الضغط والهيمنة سواء أكان ضغطاً مباشراً او غير مباشر، كما يشير الى ذلك ميثاق حقوق وواجبات الدول، فإنه على كل دولة الا تلجأ او تشجع للجوء إلى تدابير اقتصادية او سياسة للضغط على دول اخرى وعرقلة ممارستها لسيادتها. إن الهجمات التي مارستها الولايات المتحدة الامريكية خلال سنة 1986م على الجماهيرية العربية الليبية تشكل نوعاً من انواع الارهاب الدولي، خصوصاً عندما تبادر الدبلوماسية الامريكية الى ربط الهجمات العسكرية بالضغط الاقتصادي وحث حلفاء واشنطن على تطبيق المقاطعة الاقتصادية على ليبيا. فضلاً عن ذلك نجد ان مضاعفة حجم مديونية العالم الثالث يشكل مظهراً آخر من مظاهر اختلال التقسيم الدولي للعمل، وهو أمر اضطر عدداً من الدول الى نهج سياسات اعادة جدولة ديونها او التوقف عن الالتزام باداء الفوائد التي اصبحت تعرضها لضغوط وتهديدات من قبل الدول الغنية.
عدم مصداقية المعلومات
بعد الحرب على افغانستان والعراق ظهرت الكثير من المعلومات والرسائل الخاصة المتعلقة بالحرب الامريكية على الارهاب كما سربها الموقع الموقع الشهير موقع «ويكيليكس» في عام 2010م بان «سي. اي . ايه» قد استخدمت معلومات فيها الكثير من عدم المصداقية، وأن بعض المعلومات التي استندت إليها ادارة بوش لشن الحرب على العراق قد لا تكون حقيقية بأن النظام الامريكي بوجه خاص كان يستهدف تكريس نظام عالمي احادي القطبية تتربع الولايات المتحدة على قمته دون ان تستطيع اية دولة منافستها، واعطتهم احداث «11» سبتمبر فرصة تاريخية لتحقيق هذا الهدف، اذ وفرت لهم مبرراً قوياً لاطلاق حرب عالمية جديدة تختلف نوعياً عن حربي القرن الماضي، هي الحرب ضد الارهاب، واهم ما يميز هذه الحرب انها ذات طابع وقائي، بحيث لا تنتظر واشنطن تعرضها الى هجوم جديد فترد عليه، بل تبادر هي بالحرب حين تجد ما يدل على انها قد تتعرض لمثل هذا الهجوم، وهي حرب طابها يعتمد على معلومات استخباراتية تفيد بوجود او عدم وجود تهديد، وهو البحث عن تبرير الوسيلة.
واهم المعلومات التي لم تكن صحيحة اتهام العراق بامتلاك اسلحة دمار شامل، كما سعى رجال الاستخبارات لمضاعفة الخطر بتوجيه التحذير من امكان حصول تنظيم القاعدة او اية حركة ارهابية عليها.
وكان أحد ابرز المتشددين على ضرب العراق وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، مقتنعاً بأن لدى النظام العراقي السابق بقايا مواد تستخدم في صنع اسلحة كيميائية وبيولوجية، على الرغم من ان فريق التفتيش الاول الذي ارسلته الامم المتحدة «يونيسكوم» عثر علي بعض المواد ودمرها.
هل ذلك يعني أن «سي. اي. ايه» تتحمل مسؤولية شن حرب بناءً على معلومات غير صحيحة او حتى شكوك في صحتها ؟!
العميد «م» حسن بيومي قال: يخطئ تماماً من يظن أن الذي حدث في نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر في عام 2001م من ضرب وتدمير لبرج التجارة العالمي كان بتخطيط وتنفيذ القاعدة بقيادة أسامة بن لادن. وهذا الزعم من قبل الولايات المتحدة يجافي الحقيقة التي لا تريد الولايات المتحدة ان تظهرها للناس، لأنها بكل تأكيد معيبة في حقها كأقوى دولة في العالم في الناحية الاقتصادية والعسكرية والامنية. ان الذي حدث في 11 سبتمبر من وجهة النظر الامنية والاستخباراتية يرجعنا الى الصراع الذي بدأ عام 1917م بين الشوعية والرأسمالية، وهو تاريخ ظهور الاتحاد السوفيتي وبروز الايديولوجية الاشتراكية والشيوعية كمنافس قوي للافكار والقيم الراسمالية بقيادة امريكا والغرب في الحياة السياسية الدولية. وكل هذا الجهد الامريكي الذي انتج انهيار الاتحاد السوفيتي لم تطلق فيه امريكا رصاصة واحدة، بمعنى ان الاتحاد السوفيتي هزم بأساليب اعلامية واقتصادية واستخبارية ولم يهزم بقوة عسكرية وعبر اخطاء القيادات السياسية الروسية الشابة المتهافتة على الاصلاحات والمولعة بالنمط الرأسمالي، الامر الذي لم يلق استحساناً من قيادات الـ K.G.B آنذاك، وقد اتخذت الهزيمة شكل الصراع الخفي بين الاجهزة الاستخباراتية الامريكية C.I.A والروسية K.G.B
بالاضافة الى ان الاتحاد السوفيتي عند انهياره كان له في داخل الولايات المتحدة ما يقرب من ثلاثة الاف عنصر من المخابرات باعتراف لجنة روكغلا الذي كان يرأسها انذاك روبرت غيتس وزير الدفاع الامريكي، وهؤلاء لم يكونوا من الجواسيس العاديين، وانما كان اغلبهم من العلماء والخبراء في شتى علوم التقنية الحديثة المتطورة، لأن الصراع بين امريكا والاتحاد السوفيتي كان صراع تقنيات ولم يكن صراع جواسيس عاديين لجمع المعلومات، وهؤلاء فقدوا وظائفهم وفقدوا الاتصال برئاستهم واصبحوا بلا عمل وبدون موارد مالية، وان عناصر المخابرات السودانية الموجودة في الولايات المتحدة الامريكية انشغلت ورمت بكل ثقل مهاراتها العلمية والتقنية والاستخباراتية من اجل الوصول الي معرفة ادق اسرار مشروع التحكم في توجيه الطائرات المدنية من على الارض الذي بدأ بخطوات متسارعة من قبل كل من المانيا وفرنسا وامريكا وانجلترا وايطاليا، خاصة بعد النجاح الذي حققته هذه الدول في انتاج طائرات عسكرية بدون طيار لأغراض التجسس والحرب، وقد توقف هذا المشروع فجأة ومن دون ابداء اية مبررات منطقية من قبل الدول المشاركة في هذا المشروع، وان الخبراء الروس قاموا بتطوير هذا المشروع واستخدامه في الحادي عشر من سبتمبر، اذن هنا لا بد من استبعاد دور الأمية السياسية والامنية والعلمية والامنية التقنية في هذا الحدث تماماً، وان انتساب هذا الحدث الي بن لادن وتنظيم القاعدة فيه نوع من الاستخفاف بعقول قطاعات كثيرة من الرأي العام العربي والغربي والامريكي، فكيف لأمة يعاني اكثر شبابها من الامية ان تقوم بمثل هذا الحدث؟ واذا سلمنا بان لها طيارين اكفاء لقيادة الطائرات المدنية، من اين لهؤلاء الطيارين معرفة نقاط الضعف في برج التجارة العالمية التي عبر ضربها يمكن ان ينهار المبني بكامله كما حدث بالفعل!
اذن لا بد من الرجوع لنظرية الانتقام بين عناصر امريكا التي هزمت الاتحاد السوفيتي بدون ان تطلق طلقة واحدة وجاء دورهم بالانتقام من دون اطلاق طلقة واحدة، بالاضافة الي ان هؤلاء الخبراء هم الاقدار على تقييم وادراك درجة الاسترخاء الامنية التي اصابت اجهزة الامن الداخلي الامريكية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وهم ايضاً الاقدر على معرفة مدى اهتمام الولايات المتحدة بالأمن الخارجي واهمال الامن الداخلي.
تهديدات إرهابية جديدة
كما تناقلت عدد من وسائل الإعلام خبر اختفاء «11» طائرة من مطار طرابلس الدولي بليبيا، بعد ان تمت السيطرة عليه بواسطة جماعة الفجر الجديد المتطرفة في اواخر الشهر الماضي.
ويحذر مسؤولون امريكون من أن الطائرات ربما تستخدم في عمليات عسكرية في الذكرى السنوية للحادي عشر من سبتمبر، ومن جهة اخرى حذرت طالبان من ان القوات الامريكية يمكن ان تواجه هزيمة كاملة عسكرياً وسياسياً واقتصادياً في افغانستان، وان الامريكيين في خطر في جميع أنحاء العالم.
اشتياق الكناني
صحيفة الإنتباهة
ت.أ