تحقيقات وتقارير

«العدل والمساواة» تدخل محادثات الدوحة بوجه جديد!!

تتفاوض حركة العدل والمساواة المسلحة بدارفور هذه الأيام مع الحكومة بوساطة قطرية في العاصمة الدوحة، وذلك من أجل التوصل الى اتفاق مؤقت لوقف اطلاق النار، لكن «العدل والمساواة» تأتي بوجه جديد هذه المرة، حيث أجرت الحركة قبل انخراطها في المحادثات بوقت قصير تعديلات واسعة في صفوفها لفتت إنتباه المراقبين والمحللين، لا سيما وأن التعديلات شملت تعيين قيادات إنضمت حديثا للحركة في بعض المراكز السياسية والعسكرية المهمة، مما أثار تساؤلات لجهة إن كانت الخطوة أمرا تكتيكيا قصد منه توسيع الجبهة التي تحمل السلاح ضد الحكومة في الاقليم والمناطق الساخنة الأخرى، على الرغم من أن هذا الخيار ما يزال بعيد المنال في رؤية المراقبين، أم هي خطوة لصالح إضفاء صفة القومية على الحركة التي طالما اتهمت بالقبلية و الجهوية ، أو من أجل تقوية موقف الحركة التفاوضي في حال إستمرارها منفردة في الجولة الحالية من محادثات السلام في الدوحة.
وتجئ أهمية ملاحظة التطورات في حركة العدل والمساواة التي يقودها الدكتور خليل ابراهيم، من كونها الحركة الأكثر فعالية من الناحية العسكرية والأكثر جرأة في طرح مواقفها السياسية، خاصة بعد الهجوم الذي شنه مقاتلو الحركة على مدينة ام درمان، مما أكسب الحركة مواقف سياسية جديدة وتقديرا عسكريا أكبر، رغم الخسائر الفادحة التي تعرضت لها جراء ذاك الهجوم.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن سليمان صندل عضو حركة العدل والمساواة، أن نحو 50 بالمئة من مناصب الحركة التنفيذية يشغلها الآن أعضاء انضموا حديثا، ، موضحا أن الحركة أصدرت هذه المراسيم لأن نحو 15 جماعة انضمت الى حركة العدل والمساواة منذ يناير مما يعني أن على الحركة استيعاب كل هذه الجماعات.
وشملت القرارات التي اصدرها زعيم الحركة، تعيين سليمان جاموس أميناً للشؤون الإنسانية، وبخيت كريمة نائباً للقائد العام، وآدم علي شوقار اميناً للشؤون السياسية، وعبد الرحمن بنات اميناً للشؤون الاجتماعية، ومنصور أرباب أميناً لشؤون الرئاسة، وأبوبكر حامد للإدارة والتنظيم، وسليمان صندل حقار مسؤولاً للأمن والمخابرات، ود. جبريل ابراهيم مسؤولاً للشؤون الخارجية، وأحمد تقد لسان مسؤول التفاوض والسلام.
وتُتهم حركة العدل والمساواة بأنها الذراع العسكري لحزب المؤتمر الشعبي المعارض بزعامة الدكتور حسن الترابي، كما أعتقل الترابي في منتصف يناير مطلع هذا العام بتهمة تحريض الحركة ضد الحكومة، وتحريض كوادر حزبه للانضمام الى الحركة، وأُعلن أن مسؤول الطلاب ابراهيم الماظ إستقال عن الحزب ، وإنضم الى حركة العدل والمساواة، حيث جرى تعيينه مسؤلا عن قطاع الجنوب بالحركة.
ويعتقدُ محللون أن التعديلات التي اجرتها الحركة في هيئتها القيادية خاصة بعد إنضمام اعضاء من مجموعة قيادات تجمع ابناء كردفان للتنمية (كاد)، سيساعد الحركة في توسيع جبهة معارضتها العسكرية، لكن مسؤولا حزبيا من ابناء كردفان، قلل أمس من تأثير انضمام مجموعة من «كاد» للحركة، وقال لـ»الصحافة» مع عدم ذكر اسمه أن «كاد» ليس لديها فعالية ميدانية في كردفان، وأن أنشطتها العسكرية تكاد تكون معدومة بعد توصل بعض قادتها الى تفاهمات مع الحكومة خاصة في مناطق المسيرية – جنوبا- وغبيش غرب كردفان.
إلا ان أستاذ العلوم السياسية والاقتصاد بجامعة جوبا الدومة الدكتور صلاح الدين الدومة، يرى في انضمام قوات جديدة للحركة، تأثيرات على الميدان، من ناحية حجم القوى المقاتلة والعتاد والاسلحة، موضحا ان الحركة فقدت عددا كبيرا من قواتها أثناء غزوة أمدرمان، لذا فهي تحتاج الى قوات اضافية في الحرب التي تخوضها وأسماها الدومة بـ»حرب الغوريلا» التي تقوم على استراتيجية واحد ضد عشرة.
كما يعزو محللون قبول عدد كبير من المسلحين بحركات دارفور لحركة العدل والمساواة، الى إنخفاض النزعة القبلية التي ظلت تلاحق بها الحركة منذ تأسيسها في نوفمبر 2001م ، ويقول هؤلاء إن إبتعاد الاخ غير الشقيق لزعيم الحركة عبد العزيز عشر عن قيادة الحركة بعد إعتقاله عقب الهجوم على أم درمان، ساهم في اقناع قيادات عديدة في الانضمام للحركة ، ويعتقد هؤلاء أن عشر كان أكثر المتشككين في ولاءات المنضمين الجدد للحركة، وذلك بناء على تصنيفهم القبلي.
لكن أستاذ العلوم السياسية والاقتصاد بجامعة جوبا الدومة أبلغ «الصحافة» عبر الهاتف ، أن التعديلات دفعت بها تأثيرات الغزو على ام درمان، وما ترتب عليه من فراغ خانات كانت تشغلها بعض القيادات بسبب الاسر داخليا او الذين سلمتهم الحكومة الارترية، أو الوفاة أثناء المعركة.
وقال ان إنضمام شخصيات مميزة مثل سليمان جاموس وآخرين، يستدعي أن تقوم قيادة الحركة بتعيينهم في مناصب عليا، خاصة وان الحركة تستفيد من هذه الشخصيات للبقاء في المرتبة الأولى في قائمة الحركات المناهضة للحكومة، بعد أن تخطت مرحلة أنها الحركة الثانية عقب توقيع حركة تحرير السودان بقيادة مني اركو ميناوي لاتفاق أبوجا في مايو عام 2005م.
ورأى ان الشعارات التي تطرحها حركة العدل والمساواة تتناقض مع شعارات الحكومة التي تتهمها بالحركة العنصرية والجهوية، بيد أن الحركة تحاول ان تحظى من خلال «تركيبتها الهيكلية» بالسند المحلي والاقليمي والدولي وتخفيف الضغوط عليها في محادثات الدوحة.
من ناحيته، يرى الكاتب والباحث عبد الله آدم خاطر، أن هنالك اصوات بدأت تعلو حول إن كانت حركة العدل والمساواة او الحركات المسلحة الاخرى قادرة على تحقيق السلام من خلال محادثات السلام، موضحا أن الاتجاه الجديد السائد حاليا يشير الى ضرورة إستيعاب الخبرات من واقع النزاع سواء على صعيد المجتمع المدني او القاعدة الشعبية وإستجلاء آرائهم فيما يتعلق بموضوعات مثل قضية الاقليم الواحد وتقاسم السلطة والثروة وتحقيق السلام والعدالة، فضلا عن الموضوعات المثارة أصلا مثل التعويضات.
ورأى خاطر في اتصال مع «الصحافة» أمس أن حركة العدل والمساواة سعت في الفترة الأخيرة الى زيادة قوتها وتعزيز خططها السياسية من اجل تحقيق الطموح المشروع لاهل دارفور، لكنه يترك الإجابة لقيادات الحركة الجديدة إذا كانت تستطيع تحقيق هذا الطموح لوحدها أم لا تستطيع؟.

خالد سعد: الصحافة