جمال علي حسن

بل “بالخبز وحده يحيا الإنسان”!

[JUSTIFY]
بل “بالخبز وحده يحيا الإنسان”!

كانت صفوف الخبز في الثمانينيات من الأشياء التي تستحضرها قيادة الإنقاذ كلما أرادت أن تقول للشعب (كنا وين وبقينا وين)..والآن يمكنمثلاأن يردد المتعافي الوالي السابق للخرطوم لعبد الرحمن الخضر الوالي الذي أتى بعده نفس العبارة ولكن بنبرة الإياب وليس الذهاب بل قد يردد الصادق المهدي نفسه هذه العبارة ومن حقه..

عادت الخرطوم إلى صفوف الخبز.. وغلاء أسعار الدواء وأزمة المواصلات.. هل يمكن أن تسمح لنا حكومة الإنقاذ بتقديم تساؤل بصيغة (هل قررتم العودةبنا إلى المحطة الأولى؟).. هذا طبعا سؤال يجب أن لا ترفضه الإنقاذ لأنه مبني على فرضية أن هناك تقدما حدث في فترة من الفترات كما تريد الإنقاذ أن تؤكد لنا دائما..

كلما حاول أحد محاكمة تنفيذيي الإنقاذ تجدهم يستخدمونفي مواجهته دفاعات أرضية مستيقظة دائما اسمها (كنا وين وبقينا وين) ويبدأون في سرد ذكريات صفوف الخبز وانعدام الخدمات الصحية وانهيار التعليم أو تراجعه و(البنطون) الذي أصبح كبري وسدا.. يكون هذا دائما هو الرد..

لقد صادر فشل ولاية الخرطوم في توفير الخبز للمواطنين صادر هذا الرد من أفواه المتحدثين.. بل اختطفه اختطافا فتلعثم الجميع أمام واقع الحال..

المشكلة ليست في انعدام الخبز أمس واليوم وغدا القريب مثلا،المشكلة ياسادة أن أزمة الخبز والدقيق كشفت الستار عن حقائق مخفية.. مثل حقيقة أن الخبز الذي كنا نستهلكه في الفترة الماضية كانت شركات الغلال تستدينه من الخارج حتى تراكمت ديونها وبلغت 280 مليون دولار..

الخرطوم أكبر من كونها ولاية عادية فهي العاصمة القومية في بلد لا يصح أن نكتفي بالقول في وصف حاله إنالريف فيه طارد نحو المدن بل ولإكمال الحقيقة وتوصيف الواقع نقول إن المدن السودانية نفسها أصبحت طاردة نحو العاصمة..

السودان هو الخرطوم والخرطوم تستهلكدواء وغذاء وكساء يفوق الثمانين في المائة من استهلاك السودان فكيف تتركونها لوال قادم من ولاية صغيرة ولاية إنتاج إلى ولاية ضخمة، ثم إنها ولاية استهلاك وليس إنتاج؟..

الخضر كان يحكم 14 مركزا صحيا بولاية القضارف فوجد نفسه ذات صباح باكر مسؤولا عن مئات المستشفيات والمراكز الصحية.. بلا خبرة ولا إسناد فني حقيقي سوى منطق (ناسي القدام).. الذين أتى بهم الرجل من تلك الولاية الصغيرة المنتجة والتي تختلف مشاكلها مائة في المائة عن مشاكل يوم واحد في الخرطوم..

يا قادة الإنقاذ اتركونا الآن من جهودكم الإنقاذية التي (لفت ودارت) وأعادتنا لصفوف الخبز.. وركزوا في إنقاذ والي الخرطوم فهو الآن يقع بين مطرقة علي محمود وسندان البنك المركزي..

ونقولها صريحة: مخطئ من يتجرأ ويردد لنا في هذه الظروف (ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان) بل بالخبز وحده يحيا الإنسان..وتفسير هذا ببساطة أن انعدام الخبز يعد مؤشرا لانعدام بدائله الأخرى نفسها وبالتالي هو هو إنذار بخطر الجوع الذي يؤدي إلى الموت..

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي