من يصدق أربعين الولاية؟!
أثارت تصريحات والي الخرطوم الأحد المنصرم بأن ولايته تدعم تكلفة المياه لكل منزل خرطومي بـ40 جُنيهاً شهرياً، جدلاً واسعاً بين المواطنين، خاصة وأنهم يعتبرون أن الفاتورة الحالية (25 جنيهاً) شهرياً، الأعلى بين دول العالم قاطبة مع الأخذ في الاعتبار أن معدل استهلاك الأسرة السودانية الشهري من هذه الخدمة الحيوية قليل جداً وعالي التكلفة، إذ أن الخدمة ذاتها مقطوعة بطريقة شبه دائمة ما يجعل المواطن مُضطراً للاستعانة بضخ قطرات معدودات منها في معظم أنحاء الولاية بـ(روافع) (موتورات كهربائية) تزيد من قيمتها المعلنة بمقدار (استهلاك الكهرباء).
والواقع أن الـ(25) جنيهاً التي يدفعها المستهلك شهرياً مقابل خدمة متقطعة ورديئة (مياه داكنة، ملوثة، مكفهرة ومسودة)، تحتاج إلى (تنقية) بـ(فلاتر)، تشكل عبئاً ثقيلاً على المواطن المنهك أصلاً، فإذا به يُفاجأ وبدلاً من تخفيف وطأة زيادة الأسعار الناجمة عن رفع الدعم المتواصل بتصريح الوالي الفاجع، إذ اعتبروه تمهيداً وتهيئة نفسية لتمرير زيادة بقيمة قد تبلغ ما اعتبره دعماً شهرياً يخرج من جيب ولايته طائعة مختارة إلى المواطنين الأحرار، فمن يصدق يا ترى أن حكومة الخضر تدفع لكل الأسر الخرطومية (40) جنيهاً في الشهر، لا أحد بالطبع.
على كلٍّ، يبدو أن الإدارة الخرطومية (جادة جداً) في زيادة سعر فاتورة المياه، بعد أن مررت بسلام زيادتها الأولى التي بلغت أكثر من 150% (من 10 جنيهات إلى 25) بصعقة كهربائية واحدة، والدليل على جدية الولاية في ذلك، دأبها هذا الأسبوع على (جس نبض) الشارع، بتلك التصريحات التي تطلقها، وتلك التسريبات التي تمررها عبر الصحف، حيث يقول أحد أهم هذه التسريبات أن هيئة مياه ولاية الخرطوم أبرمت عقداً بقيمة 5 ملايين جنيه (5 مليارات بالقديم)، ما أدى بالشركات لاستيراد (2500) عداد مياه تعمل بتقنية الدفع المقدم، وأنها تدرس الآن خطة لتطبيق زيادات على فواتير المياه مطلع العام 2014م (أي بعد شهر وشوية).
حسناً، كيف يتأكد المواطن (المستهلك) أن الولاية تدعم هذه الخدمة (الرديئة) والحيوية في آن، بهذا المبلغ الخرافي؟ ولماذا صمتت الولاية عن هذا الدعم (المائي) طوال السنوات الماضية، حيث ظلت تتحدث عن أنها تدعم المحروقات والقمح والبصل والفاصوليا وما أكل السبع وفي سبيل الله، لكننا لم نسمع منها أنها تدعم (موية الله دي)، حتى عندما (كعبلت) المواطن بزيادة 15 جنيهاً على الماء في فاتورة الكهرباء، لم تقل أنها فعلت ذلك لأنها تريد أخذ (دعمها) له، بل قالت إنها بصدد تحسين خدمات إمدادات الماء وتنقيتها وعمل شبكات جديدة وهذا يتطلب مبالغ إضافية وميزانية كبيرة، وحتى الآن لم تتحسن الخدمة، بل أصبحت أكثر سوءاً من ذي قبل، وها هي الولاية تعود إلينا الآن بزيادة (40 جنيهاً) لتصبح قيمة الفاتورة الشهرية لكل أسرة (65 جنيهاً) بحجة أنها تريد رفع الدعم بعد تحسين الخدمة.
الحصة الأولى: تشاهدون غداً على شاشة سينما الولاية، فيلم (والماء فوق ظهرونا محمول)، سيناريو وإخراج ولاية الخرطوم، ونتمنى لكم مشاهدة ممتعة.
أرشيف
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي