مواصلات.. مكي الترابي وبالعكس
أصبح توصيف أزمة المواصلات بأنها (طاحنة) غير دقيق، ليس لأنها ليست كذلك، بل لأنها مستفحلة و(منكورة) أيضاً، فحكومة ولاية الخرطوم لا تعترف إلاّ لماماً وبحياء شديد بوجود أزمة مواصلات حقيقة، ولأنها كذلك، فهي لا تفعل شيئاً إزاء إيجاد حلول ناجعة وجذرية لإنهائها والقضاء عليها قضاءً مُبرماً، بل تُمارس دور (المُخدِّر) إذ (تُبنج) المشكلة موضعياً وما تلبث أن تبرز مرة أخرى ما أن يفك البنج.
وفي ذلك نضرب إن أردنا أمثلة لا حصر لها، ولعل أولها هي ما بات يطلق عليها في الأوساط الشعبية بـ(خضراء الدمن)، وهو برأيي لقب مستحق لبصات الولاية (الغبراء)، أين هي الآن يا ترى؟
ثم، وقبل أن تحدثنا الولاية عن ما تسميه المشاريع الإستراتيجية لحل أزمة المواصلات وتفصل لنا عن الترام والنقل النهري وزيادة عدد البصات العاملة، عليها أن ترسل مندوبيها إلى مواقف المواصلات ليلاً لتنظم العمل هناك، وتقضي على هرجلة السائقين وصلفهم، ولا تسمح لحافلات مرخصة في خط الكدرو أن تقرر العمل ليلاً في خط كوبر أو المزاد، وأن تلزم سائقي حافلات الجريف غرب بعدم العمل في خط الصينية. وإذا كانت إدارة العاصمة لا تدري عن كل هذا، فإننا نخبرها الآن، بأن أحد أهم أسباب أزمة المواصلات الراهنة هو غياب إدارة مواقف المواصلات ليلاً، وإذا أردتم مزيداً من التفصيل في ذلك فاتصلوا بنا.
وفي سياق (أزموي) يختلف معيارياً عن ذاك الذي (في المواصلات)، نقرأ في الصحف أن حسن مكي ينتقد حسن الترابي، ولأن الحسنين ظلا عقوداً طويلة يغليان في طنجرة واحدة، فإن فصل زيتهما عن بصلتهما يبدو أمراً عسيراً، وهذا لا يعني بالطبع أننا ضد خروج (القشرة من البصلة).
لكن قشرة حسن مكي بشكل خاص تبدو وكأنها جزء أصيل في بصلة شيخة الترابي، فيما عدا في بعض خشخشاتها المتصلة بعبارات فيها نزوع واضح نحو العنصرية مثل (الحزام الأسود حول الخرطوم)، وأن (الخرطوم ترطن كل رطانات الدنيا)، وما إلى ذلك من عبارات ظل يطلقها حسن مكي (الزمان) بين فينة وأخرى، تقلل من طرحه لذاته الفانية كمفكر يميني ذي نزعة ليبرالية، وأزمة الحسنين أنهما الآن خارج (الطنجرة) بينما (حلة الإسلاميين) تنضج على نار ذات لهب.
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي