الطاهر ساتي

ليت كل الولاة ( إيلا)

[JUSTIFY]
ليت كل الولاة ( إيلا)

:: حفل إستعراضي لمدة ساعة تقريباً لمواهب شابة بقاعة الصداقة، والدعوة عامة ومجاناً، ويعكس الحفل بعض ألوان التراث السوداني، وتنظمه وزارة الثقافة والإعلام بالتعاون مع منظمة ياس أكادمي، ويشارك فيه بعض نجوم أمريكا، هكذا الحدث الثقافي..(عادي جداً)، ويحدث بكل بقاع الأرض يومياً أو أسبوعياً..ولكن، في صلاة الجمعة الفائتة، حول خطيب المسجد الكبير هذا الحدث الثقافي العابر – والذي لايتجاوز زمنه الساعة – إلى (قنبلة نووية)، ومراد بها تدمير الشباب..طالب كمال رزق بإقالة وزير الإعلام والثقافة..عفواً، لم يكتف بمقترح طلب الإقالة، بل طالب بتقديمه للمحاكمة بتهمة ( خيانة الأمانة)..فالشباب السوداني أمانة في عنق وزير الإعلام والثقافة، وأصبح هذا الوزير خائناً لتلك الأمانة بتنظيم هذا الحفل، ولذلك ( حاكموه)…!!

:: كان ذاك حال الخرطوم عندما غادرتها إلى بورتسودان لنفرح بافتتاح مهرجان السياحة والثقافة، أو مهرجان (الخيانة العظمى) حسب فهم كمال رزق..كل قبائل السودان هناك، تغني تراثها وتنشد لوطنها وتنشد السلام والحب والخير والجمال للناس والبلد..الأسر بأطفالها – وولاة أمورها – على مد البصر بلا ضوضاء أو زحام، والوجوه تبتسم لبعضها بعفوية والأيدي تصافح بعضها بوئام ويعزم بعضهم بعضاً على أكواب الشاي والقهوة والفول والأنس تحت أضواء المدينة وأمام الناس..لم نشاهد ولم نسمع بالدمار الوارد ذكره في ( خطبة رزق)، بل وجدنا السودان الذي نتمناه ( متعدد ومتجانس)..والشباب السوداني هناك، يحتفون بليالي المهرجان مع بعضهم ثم فجراً يذهبون إلى جامعاتهم وأعمالهم وعند الميقات ترفع المساجد النداء وتمتلئ بالمصلين، ولم يطالب خطيباً بتقديم الوالي طاهر إيلا إلى المحكمة بتهمة (خيانة الأمانة)..!!

:: المهم، بعيداً عن الخطب التي لاتزال تختزل الشريعة في المظاهر وتتجاهل المقاصد خوفاً من السلاطين، هي دعوة للولاة ليقضوا شهراً بولاية البحر الأحمر ليتعلموا من طاهر إيلا (الكثير المفيد).. بالبحر الأحمر، كان علي آدم نموذجاً لشاب معاق يشتهي زيارة جيرانه والتجول في طرقات المدينة وأسواقها، ولذلك أدمعت عيناه عندما إستلم مفتاح عربته ضحى البارحة وأدارها وغادر بها ميدان الإحتفال إلى رحاب المدينة (لأول مرة منذ ميلاده).. وكذلك ( 50 معاقاً في سن الشباب)، ليتجاوز عدد الذين تم دمجهم في المجتمع ليتحركوا بنشاط وحيوية بواسطة تلك العربات المريحة خلال هذا العام أكثر من ( 2500معاق)، و تم ذلك بلا من أو أذى أو ( خطب الشوفونية).. وبعرباتهم، ساهموا في صناعة فرح إفتتاح مهرجان ( الخيانة العظمى)..!!

وبالبحر الأحمر، كان إبراهيم أحمد نموذج سائق تاكسي بلاعمل بعد أن أكل الدهر على عربته وشرب، ولذلك كان فرحاً حين استلم مفتاح التاكسي (موديل هذا العام)، لينساب بها في طرقات المدينة الأنيقة..وكذلك ( 50 سائقاً)، ليتجاوز عدد الذين تساعدهم حكومتهم على إمتلاك التكاسي الجديدة بالأقساط الرمزية التي لم تسجن سائقاً طوال سنوات هذه التجربة ( 400 سائقاً)، وتم ذلك بلا مؤتمرات وسمنارات و ( وكوراك سياسي)..وبالبحر الأحمر أيضاً، كان صديق و أولاده يعملون أجراء مع الصيادين بأجر زهيد، ولذلك عانقوا بعضهم لحد سيل الدموع من عيونهم عندما إمتلكوا قارب الصيد الحديث من حكومتهم وأبحروا إلى حيث الرزق بقاربهم، وكذلك ( 50 صديقاً)، ليتجاوز عدد الذين إمتلكوا قوارب الصيد الحديثة بدعم وتحفيز حكومتهم أكثر من ( 750 صياد)، ويتم ذلك بلا شتم أمريكا أو سب دول الجوار..وبالبحر الأحمر، إكتمل طريقين ( بمحلية القونب والأوليب) وتم إفتتاحهما ضحى البارحة، وبهما لم تعد بالولاية محلية – من العشرة محليات – خارج شبكة الطرق المعبدة التي لاتربطها بعاصمة الولاية..( ليت كل الولاة إيلا)، أوهكذا لسان حال سكان كل ولايات السودان، وتلك حقيقة لا يتجاوزها أي ( عابر طريق)..!!
[/JUSTIFY]

الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]