زفرات الطيب مصطفى.. من يواري جثمانها؟!
أقبح عادات المثقفين السودانيين هي الظن الواهم بأن الرأي العام هو (طينة صلصال) بأيديهم يشكلونها حسب حالتهم المزاجية.. وليس هناك استثناءات كثيرة لهذه الحالة المرضية التي تنتشر بين المثقفين خاصة من تجمع حولهم الضوء أو تجمعوا هم حول الضوء..
لا استثناء يذكر حسب ظني فقط هناك من يستحي (على دمه شوية) فلا يفصح عن تضخم ذاته.. معظم المثقفين السياسيين في السودان حاكمين كانوا أو معارضين أو مثل حالة الطيب مصطفى التي لا أعرف الآن لها تصنيفا..
كل نجم يتخيل أن معجبيه هم حيران في مسيده وهو شيخهم لو ذهب يمينا اتجهوا صوب اليمين ولو توقف توقفوا ولو أراد (بكرة) يحشد كل قرائه أو معجبيه لموقف خاص به سيأتون دون أن يسألوا أنفسهم عن سبب انقيادهم خلف هذه الأصبع..!!
الطيب مصطفى الآن يعتقد أن أكبر كارثة حدثت للنظام الحاكم في تاريخه هي كارثة توقفه شخصيا عن كتابة مقالاته العنصرية وتحويل فوهة لسانه الشاتم من اتجاه عرمان وعقار والحلو وقبلهم كل جنوب السودان تحويل فيه الشتم هذا صوب الإسلاميين بنفس درجة الغبن وحدة اللفظ وانفلاتات التعبير وتراكم الضغينة..
لكن أول من تصدى للشتم المضاد والشماتة السياسية هم أولئك المعارضون الذين كان الطيب يكيل لهم السباب المؤكد والمكرر كل صباح..
يا أخي قلمك ولسانك غير صالح لتبني خطاب معارضة للإنقاذ.. بل غير مؤهل لذلك لأنك لم تكن قد تركت فرصة لفضاء واسع من المعارضة لمؤازرتك أو حتى مواراة الجثمان السياسي لموقفك السابق ونصب صيوان العزاء لتخفيف آلام الفقد بالنسبة لك..
وحتى أولئك الذين هم في الأصل يتبنون كل معاني تصريحك بحكم موقفهم المعارض ينكرون مائة في المائة هذه المعاني ويستنكرونها لمجرد أنها تصدر بلسانكم..
لا مكان للطيب مصطفى ولا فرصة له في فضاء معارضة الإنقاذ إلا معارضتها كموقف شخصي من (بلكونة) منزله لا مؤيد أو مناصر أو مؤازر أو متعاطف معه..
لأننا لو لم نكن نملك عقولا فإننا على الأقل نملك حواس أخرى تجعلنا نتضايق حد الانفجار من تصريحاتك حين تأتي اليوم وتريدنا أن نتقبل (بصقك) على كل تاريخك وعلى مئات المقالات التي إما أن نصفها بأنها كانت غير صادقة وإما أن نتشكك في صحة وعافية كاتبها عافاه الله بالصحة الذي تحول موقفه وتبدلت قناعاته مليون في المائة بين عشية وضحاها لمجرد اختلافه مع قيادات الإنقاذ..
هل يجعلك هذا الاختلاف الطارئ تتجرأ على الظن بـ(هبالتنا) وتلقننا أحكاما لم تكن تقبل أنت سماعها من الآخرين مثل أن هؤلاء لا علاقة لهم بالإسلام.. وأن كل إخوانك وزملائك وأصدقائك وشيوخك هم قطيع بلفظ الشتم الذي استخدمته ولا يسمح وقار هذه الصحيفة بكتابته..؟!
أنا شخصيا شامت سياسيا لو صح التعبير – في مصادرة هذا العمود ولست متعاطفا مع السماح لأقلام عنصرية مدمرة بالكتابة في الصحف برغم موقفنا المبدئي الرافض لمصادرة حرية التعبير لكننا نعتبر أن المقالات العنصرية لا تندرج في باب حرية التعبير بل التعدي الجنائي على الوطن وعلى سلامه الاجتماعي..
وليس هذا نقدا شخصيا بل نحن معنيون بالشخصية الفكرية والأطروحات السامة التي في تقديرنا هي وما شابهها من الكتابات المحرضة على الكراهية الاجتماعية تتحمل جزءا كبيرا من النتائج التي آلت إليها الأمور في بلادنا..
جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي