مناكفات الشعبي والأمة.. تبرئة للوطني!!
.. أقترح أن يتوسط المؤتمر الوطني لمعالجة الخلاف بين حزبي الأمة والشعبي..!!..فمفاوضو المؤتمر الوطني لديهم خبرة تراكمية هائلة في عمليات التفاوض وفض النزاعات وصناعتها أيضا..!!
الواقع أن علاقة الصادق بالترابي كزعيمين سياسيين وبرغم الروابط الأسرية بينهما إلا أنه ومنذ 30 يونيو 1989 لم تعد لدى الصادق المهدي أي درجة من الثقة في الترابي.. وتسير الأمور على مفارش الابتسامات السياسية والمواقف الظاهرية التي تحافظ على شكل من أشكال الوئام الطفيف والعداء اللطيف، لكنها في الأصل علاقة (بايظة) وتالفة مهما بدت متصالحة أو متوافقة..
سارة نقد الله.. دائما المرأة وبطبعها لا تنسى معركتها بل تؤجلها للوقت المناسب.. وسارة حين قالت إن الترابي هو مهندس أزمة دارفور كان عقلها الباطني قد ركب هذه الجملة بصيغة أخرى حسب الوجع الكامن في القلب لكنها بظني استبدلت عبارة (انقلاب الإنقاذ) بـ(أزمة دارفور) لأن الأولى هي الإحساس الحقيقي عند من اختطفت منهم السلطة لكنها تهمة بدهية ومباشرة لا ينكرها الترابي بل يعترف بها ويعبر عن ندمه وحزب الأمة لو لم يكن قد قبل الاعتذار فإنه مساءل تاريخيا عن قبوله التوافق مع الشعبي داخل إطار التحالف في وقت من الأوقات..
التهمة المستبدلة (أزمة دارفور) هي الموجعة حقا خاصة وأن دارفور هي ميدان جماهيري واسع للأنصار.. بجانب أن هندسة أزمة دارفور تعني تخطيطا إجراميا خطيراوتهمة لا ينفع فيها الاعتذار..
إنه اتهام انتقامي من سارة نقد الله وكأنها تقول لحزب الترابي هذه بتلك التي كتمنا وجعتها وحبسنا دمعتها سنوات وسنوات..
الملاحظ في هذه المناكفات المعلنة أنها حررت شهادة براءة مشتركة للنظام من أكبر الأحزاب المعارضة له من تهمة التسبب في أزمة دارفور وحتى انفصال الجنوب، فدارفور حسب سارة هندسها الترابي والانفصال حسب الشعبي يتحمله الصادق المهدي، وبذلك يخرج حزب المؤتمر الوطني في خلاصة هذه الملاسنات والمكاشفات والاتهامات بين قوى المعارضة بريئا من دارفور وبريئا من الانفصال.. لاحظوا هذا الحظ العجيب للمؤتمر الوطنيتأتيه شهادات البراءة من خصومه الكبار..!!
براءة من تهم تاريخية ومصائب وطنية كبيرة حدثت كلها في عهد حكم المؤتمر الوطنيلكنها وبقدرة قادر وحكمة حكماء المعارضة السياسية في السودان وكرمهم الفياض تقاسموا وزرها بينهم وتركوا المؤتمر الوطني (فاعل خير)..!!
فعلا لا يتعلمون من تجاربهم مع احترامنا الكبير لهم لكنني أظن أن تلك القيادات يجب أن تكتفي وتتنازل لآخرين وأن تكون المرحلة القادمة مرحلة تجديد حقيقي في دماء هذه الأحزاب بتقديمقيادات جديدة لاتتحرك مواقفها بوقود تراكمات نفسيةبل تنطلق بعد إلقاء نظرة على وجه الوطن وفتح مخزن أجندة البلد ذلك المخزن المغلق الذي أضاعوا جميعهم مفتاحه.. لا براءة للمؤتمر الوطني من انفصال الجنوب ولكن أيضا لا براءة تاريخية لكل المشاركين في مؤتمر القضايا المصيرية في أسمرا من قوى المعارضة الذين أقروا بحق تقرير المصير قبل أن تقر به السلطة..
من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر.. ومن يحاول أن يقدم كتابه أبيض ناصعا ناعما بريئا للشعب السوداني فإنه مفضوح ومكشوف وثابت وموثق.. كل النخب السياسية مذنبة وبدلا عن الانشغال بالبحث عن مخارج تاريخية وأزقة للهروب..فكروا في مصلحة البلد فكروا في حلول لأزمة دارفور وفكروا في معالجات ناجعة دائمةللعلاقات مع الجنوب.. ودعكم الآن من إعداد مرافعات البراءة التي لن يمنحها الشعب السوداني لأحد..
[/JUSTIFY]جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي