مكي المغربي

ملتقى داكار للحكم الرشيد ..! (1)

[JUSTIFY]
ملتقى داكار للحكم الرشيد ..! (1)

ملتقى داكار الثاني (الحكم الرشيد والديموقراطية والممارسة الدستورية) مختلف جدا هذه المرة … فالاختيارات فيه جيدة للغاية … اختيارات الموضوعات .. اختيارات الأشخاص … الجدول كل شيء ..!
الجهات الراعية هي … المفوضية السياسية للاتحاد الأفريقي ومركز الحكم الرشيد ومؤسسة محمد إبراهيم للحكم الرشيد وجهتان أخرتان … ويبدو أن كل الجهات جلست ودرست الملتقى الأول واعادت انتقاء الموضوعات والشخصيات وكل شيء … (غربلة دقيقة) … وقاعدتهم في ذلك اننا لا يمكن أن نقود جدلا عن الحكم الرشيد ونحن لا نمارس مقدارا من الضبط المحكم لاختياراتنا ..!
جلسة العصف الذهني الأولى كانت لفئة جديدة لا يهتم بها الناس كثيرا ويذهبون تشيعهم اللعنات في بعض البلدان وهم الرؤساء والوزراء السابقون … شخصيات غادرت المواقع التنفيذية والسيادية بسبب انقلاب أو فشل أو (زهد) ولكن إلى غير رجعة ولم تعد جزءا من حكومة أو حزب أو لديها أي ميول للمارسة عمل سياسي ولو حتى الوساطة أو رئاسة اللجان ونحو ذلك … شخصيات كانت السياسة فترة في حياتها وانقضت بخيرها وشرها..!
والسؤال هو … هل نبدأ بالديموقراطية أم بالحكم الرشيد؟ وهل يمكن الفصل بينها في التنفيذ؟! من الواضح أن جميع المدعوين ليسوا عباقرة ولكنهم كانوا من الحصافة بمكان حتى يفهموا أن المقصود من السؤال أن هنالك نماذج للحكم الرشيد في دول غير ديموقراطية أو في طريق التحول وهنالك نماذج لدول ديموقراطية في الممارسة بينما تسجل أكثر المعدلات انحطاطا في الحكم الرشيد … فساد ورشاوي وإفلات للمجرمين من العقاب ومشكلات أمنية مستعصية لدرجة أن الحياة في مدنها الرئيسية مخاطرة ..!
بلدان أخرى سجلت أفضل المعدلات في محاربة الفساد وفي مستوى الانضباط في الخدمة المدنية والشرطة والجيش … ولكن معظم مراكز تقييم الديموقراطية تضعها في ذيل القائمة..!
في هذا السياق يشهد الواقع بأن هنالك حدا أدنى من الحكم الرشيد وسيادة القانون يجب توفره قبل الحديث عن أي تحول ديموقراطي لأن هذا التحول مستحيل في وجود قضاء مرتش بل أن هذا التحول المشوه سيؤدي إلى دمج الممارسة الديموقراطية بالفساد واستغلال القانون … من جانب آخر لا بد من وجود حد ادنى من ممارسة ديموقراطية لأن الحكم الرشيد المتوفر بسبب تجارب أشخاص سيزول بسبب احتكار السلطة لمجموعة من الناس وهذه هي سنة الحكم.
السؤال هو ما هو الحد الادنى هنا وهناك؟! تفاصيل وتفاصيل !
أثناء النقاش كانت هنالك مداخلات طريفة … احدهم تحدث عن الدستور وأنه يجب مراجعة الدستور كل فترة لأن مباديء الحكم الرشيد إذا لم تراجع بصورة مستمرة فإنها ستضيع … ويرد على المتحدث مدير مؤسسة محمد إبراهيم للحكم الرشيد (السيد عبد الله جانيه) وهي إحدى الجهات الراعية للملتقى … ويقول له … هذا يذكرني بقصة حكاها لي جدي عن جنايني فاشل … يخرج النبات من الأرض كل مرة ليتأكد من نمو الجذور … وفي النهاية قتل كل نباتاته … نحن في كل مرة نخطيء فيها في الممارسة نهرع للقانون والدستور … حتى صار الدستور معملا للتجريب وشماعة للفشل …!
[/JUSTIFY]

نهاركم سعيد – مكي المغربي
صحيفة السوداني