عروبة جنوب السودان ..!
تابع عشرات الآلاف من القراء الحوار المطول الذي أجرته صحيفة «الأنباء» الكويتية مع الفريق أول سلفاكير ميارديت رئييس جمهورية جنوب السودان، ونقلته عن الصحيفة الكويتية صحيفتكم «آخر لحظة» وتم نشره في الصحافتين الورقية والإلكترونية، الأمر الذي أتاح لعدد كبير من المهتمين متابعته وقراءته في محاولة للتعرف على موقف دولة جنوب السودان من الجامعة العربية ودولها العديدة، خاصة وأن مناسبة اللقاء الصحفي كانت تقوم على انعقاد مؤتمر القمة الأفريقية العربية التي انعقدت مؤخراً بدولة الكويت الشقيق.
نقاط كثيرة قد تستوقف المتابع للحوار، حول قضايا ينظر لها كلٌ منا بعين تختلف عن الآخر، فعندما سئل السيد الرئيس سلفاكير عن موقف بلاده إذا ما عرضت عليها الجامعة العربية الانضمام لها، أجاب بأنه سيعرض الأمر على مؤسسات دولته للبت فيه، وعندما سئل عن الأسباب التي أدت إلى تصويت أبناء جنوب السودان لصالح الانفصال في الاستفتاء على تقرير المصير، قال إن السودانيين الشماليين دفعوا الجنوبيين للانفصال لأنهم كانوا يشعرونهم دائماً بأنهم ليسوا عرباً، لذلك انفصل الجنوبيون.
الحوار فيه نقاط كثيرة تستحق الوقوف عندها، إلا أننا رأينا الوقوف عند هذه النقطة، وهي قطعاً غير صحيحة، إذ أن السودان القديم بكل مكوناته العرقية، لم تكن الغالبية فيه عربية لكن الثقافة العربية هي الغالبة مثلما الدين الإسلامي كان هو دين الأغلبية، وظلت اللغة العربية مدخلاً مهماً لفهم تعاليم الإسلام وشرحها وتطبيقها على واقع الممارسة التعبدية الفعلية.
السودان القديم – قبل انفصال الجنوب- كانت جل أطرافه «راطنة» إن لم تكن كلها، في الشمال والجنوب والشرق والغرب، وكانت الجذور غير عربية في غالب الأحيان، لكن لغة التخاطب كانت وستظل – دائماً- بين كل هذه المجموعات السكانية المختلفة، هي اللغة العربية، مثلما هي الآن في دولة جنوب السودان، فـ«عربي جوبا» هو مفتاح التفاهم بين القبائل العديدة بلهجاتها المختلفة، بينما الإنجليزية هي لغة الصفوة.
يقودنا ما فات إلى أثر اللغة العربية في اللغات الأفريقية عموماً، لنجد أنها مكون رئيس وأساسي للغة السواحيلية، التي يستخدمها الملايين من الأفارقة، واتخذتها دول مثل تنزانيا وكينيا لغة رسمية لها بينما يمتد تأثيرها إلى دول أخرى عديدة مثل رواندا وبورندي وشرق الكونغو وتمتد من جنوب الصومال حتى شمال موزمبيق، مثلما أورد ذلك الباحث الدكتور «شيخ صمب» وقد كانت تكتب بالحرف العربي إلى أن جاء الاستعمار فاستبدله بالحرف اللاتيني، وكذلك الحال في لغة الهوسا التي تعتبر واحدة من أهم اللغات في غربي أفريقيا، وقد حدث لها ما حدث للسواحيلية بأن تم استبدال حرفها العربي بآخر لاتيني، وهناك اللغات الصومالية والفولانية والولوفية والنوبية وغيرها.
عروبة جنوب السودان التي يرى البعض أنها منعدمة أو غائبة
لا تعنى النقاء العرقي العربي، لأن هذا نفسه غير موجود في جمهورية السودان إلا لمجموعة سكانية قليلة العدد في شرق السودان.. عروبة جنوب السودان تبدأ من اللسان.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]