جعفر عباس

عندما تنال الخادمة ترقية

[JUSTIFY]
عندما تنال الخادمة ترقية

تناقلت الصحف المصرية بلهجة لا تخلو من استنكار ودهشة، نبأ قيام خبير اقتصادي مرموق بطلاق زوجته بنت الوزير السابق الكبير، بعد أن اكتشفت بنت الوزير أنه تزوج الخادمة،.. فبعد زواج دام نحو 15 سنة لاحظت الزوجة أن «سي السيد» يكثر الغياب من البيت بحجج واهية، فلجأت إلى سلاح الاستخبارات النسائي الذي يتألف من متطوعات يتخصصن في نقل القيل والقال، وتوصّلت إلى أدلة قطعية بأن زوجها يتردد على شقة سكنية بانتظام، ولما واجهت البعل بالحقائق أدرك أن المسألة بايظة وأبلغها بأنه تزوج الخادمة بـ«الحلال» ويعيش معها بارتايم (نصف دوام) في تلك الشقة!! طبعا سيبادر الكثيرون باتهام الزوج بأنه «مش وِش نعمة»! كيف يهجر بنت وزير ليتزوج خادمة؟.. شخصيا لا أستطيع أن أتعاطف مع الزوجة أو الزوج لأنني لا أملك أي معلومات حول طبيعة وشكل العلاقة التي كانت قائمة بينهما داخل مؤسسة الزوجية!! ربما كانت الزوجة تتعالى عليه بحكم أنها «بنت عز ومش أي كلام»، وربما كان الزوج من ذوي العيون الزائغة وكانت الخادمة ملظلظة وشابة، بينما ظهر تأثير عوامل التعرية على زوجته.. وربما كانت العلاقة الزوجية بينهما قد تحولت إلى «شركة» مساهمة كل طرف فيها يسعى لتحقيق النجاح الاجتماعي، كما كان الحال في حكاية زوجين طبيبين كتبت عنهما من قبل، وانشغل كل منهما بمحاضراته الجامعية نهارا وعيادته الخاصة ليلا حتى صارت العلاقة بينهما «ترانزيت»، وانتهت بأن تزوج الطبيب ممرضة تعمل عنده… وبعد العيش لربع قرن في منطقة الخليج أعرف بالسمع والقراءة عشرات الحكايات عن رجال تزوجوا خادمات كن يعملن في بيوتهم، ومعظمهن من الفلبينيات،.. ولا أعتقد أن ذلك كان لمجرد أن الفلبينيات أكثر الآسيويات جمالا وتأنقاً وغنجا ودلالا، ويتقنّ فن إدارة الرؤوس، فجوهر المسألة هو: لماذا يهجر بعض الرجال زوجاتهم أصلا؟ والسؤال الذي يليه أهمية – في سياق موضوعنا هذا – لماذا يتزوج البعض بالخادمات؟ ولا أجزم بأنني أعرف الإجابة على أي من السؤالين، فربما يحدث ذلك كتتويج لعلاقات محرمة بين الزوج والخادمة! وربما يكون الزوج من النوع المهيأ للزواج بأكثر من واحدة لأنه من النوع الذي يتضايق من حكاية «كل يوم ملوخية»، والزواج بالنسبة له لا يعني أكثر من وجود أنثى ذات مواصفات معينة تلبي مختلف رغباته.. وربما – وهو الراجح عندي – أن الزوج يحس بأن زوجته غائبة عن حياته وعن البيت، وأن الخادمة تقوم مقامها في نواح كثيرة، أي أنها تكون ربة البيت الفعلية فيما يتعلق بتصريف شؤون الحياة المنزلية، فيقول: ليش ما أتزوجها، وبالمرة تصير ست البيت شرعا وقانونا؟ ويعزز هذا الاحتمال عندي أن معظم الخادمات اللواتي يتزوجن بأرباب البيوت من الفلبينيات!! كيف ولماذا؟ لأن معظم الفلبينيات العاملات في البيوت متعلمات بدرجة أو بأخرى.. بدرجة أنهن يقمن في كثير من البيوت بمساعدة العيال على أداء واجباتهم المدرسية، ويتسمن باللباقة وحسن التصرف وهو ما يسميه بعضنا بـ«التحضُّر»! وهناك احتمال أن الزوج يلاحظ أن الخادمة لا تعصي له أمراً بل وتوفر له كل ما يحتاج إليه قبل أن يطلب منها ذلك، ويفترض – تأسيساً على هذا – أنها ستبقى كذلك بعد أن يتزوج بها ناسيا أنها وبعد أن تنال ترقية إلى مرتبة زوجة سيصبح لها حقوق لم تكن متاحة لها كخادمة وأنها لن تقبل منه أوامر سخيفة كانت تلبيها من قبل: اغسلي السيارة.. هاتي الجزمة السوداء!! ولا يضع احتمال ان الخادمة التي تتحول إلى زوجة ستقول له: أغسل جنازتك.. نهارك أسود مثل جزمتك.
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]