جعفر عباس

الإعلانات غش وتدليس


[JUSTIFY]
الإعلانات غش وتدليس

شكوت هاتفيا لطبيب صديق من شدّ عضلي يعوق حركة عنقي ويؤلمني كلما أردت الالتفات يمينًا، فأشار علي بعقار مسكن يرخي العضلات، ونصحني باستخدام مرهم لتسخين منطقة الألم قائلا: ابحث عن أرخص مرهم واشتره، لأنها جميعها بالمكونات والخصائص نفسها ولكن بعض الشركات المستهبلة (الغربية طبعا) تبيع أنواعًا منها في تغليف بديع بأسعار عالية، وهكذا اكتشفت مرهمًا مصنوعًا في إندونيسيا لا تزيد كلفة ثلاثة قنينات منه على دولار واحد، وصار بالنسبة الي ترياقًا للشد العضلي، بل للصداع الناجم عن التوتر أيضًا، أمسحه على رقبتي ثم الصدغين فيخف الصداع أو يزول، (وأقول للرجال إن هذا المرهم متوافر بالهبل قرب الحرم في مكة وبالتالي لا داعي للحركات القرعة والسفر إلى إندونيسيا للحصول عليه من مدينة «بالي» السياحية التي تدور فيها أشياء كالتي في بالي وبالك!!) ولكن مشكلة هذا هي أنه غير «اجتماعي».. يعني موقفك يصبح صعبًا لو داهمك ضيف وأنت متمسح به… ولكن من ميزاته أن النساء بصفة عامة يتضايقن منه، وهكذا عليك باقتناء أنواع قوية من دهانات الشد العضلي والرطوبة، وكلما شرعت زوجتك في عرض مطالبها التعسفية، أو محاسبتك على تقصير اضغط على الأنبوب وابدأ في تلطيخ أي جزء من جسمك به، وستضمن بذلك أن زوجتك لن تقترب منك ثلاث ساعات على الأقل، وربما تصاب زوجتك خلال تلك السويعات بمتلازمة الزهايمر فتفقد ذاكرتها وتنسى أمر المطالب أو المحاسبة! والشاهد هو أن هناك كثيرًا من السلع التي نشتريها بالشيء الفلاني في حين أنها لا تساوي ربع المبالغ التي ندفعها فيها، وفي سبتمبر المنصرم أصدر معهد الترايكولوجي (علم الشعر وفروة الرأس) في بريطانيا، تقريرًا يقول فيه إن جميع أنواع الشامبو الغالية الثمن والتي تزعم أنها تفعل الأعاجيب بالشعر… كلها «خرطي»، وكلها سيم سيم، ولا فرق بين سعيد وسعيدة… يعني كذب وإفك وغش وتدليس… ولكن المستهلك عندما يستمع إلى أن الشامبو «يحتوي على بيوكلوسول الذي يكسب الشعر نعومة ونداوة وطراوة… وأمينوسوفيكاميساكوبيا الذي يمنع تكوُّن القشرة».. يندفع لشراء الشامبو وهو لا يعرف أن شركات الشامبو تفبرك أسماء مواد لا وجود لها، تماما كما فعل أبو الجعافر في المثال أعلاه، ويفوت على النساء بوجه خاص أن الفتيات ذوات الشعر الحرير الذي يلف مع رؤوسهن كالمروحة حباهن الله بذلك النوع من الشعر منذ الميلاد، أي ان شعرهن جميل «خلقة ربنا» وليس بفعل الشامبو هذا أو ذاك… تماما مثل معجونات الأسنان، ففي الإعلانات التلفزيونية نرى أشخاصا بأسنان تلمع من شدة البياض ومطلوب منا أن نصدق أن أسنانهم اكتسبت البياض بسبب استخدامهم معجونا معيّنا… ولو استخدمنا عقولنا جيدًا لأدركنا أن الشركات المعلنة عن معجون الأسنان تقوم بعمليات تنقيب واسعة النطاق بحثا عن أشخاص أسنانهم الطبيعية تجنن… طبعًا هناك شركات تنتج معجونات أسنان وشامبو بمواصفات خاصة «حقيقية» ويوصي بها الأطباء المختصون، وما عدا ذلك فـ«كله محصل بعضه»، والدليل على ذلك أن أبا الجعافر لم يستخدم أي شامبو طوال حياته ومع هذا فشعره مثل الحرير الشيفون (قولوا ما شاء الله)، ويتناول أي معجون أسنان نكهته مريحة، بغضّ النظر عن سعره ومع هذا فأسنانه أجمل من أسنان شعبان عبدالرحيم (عيني باردة)… وصار أخيرا يستخدم معجون الأسنان المزود بالفلورايد (فعلا) ومن إنتاج شركة معروفة ومتخصصة… وفي الملابس «سيم سيم»! فلان يشتري قميصًا معينًا بما يعادل 150 دولارًا فأشتري القميص نفسه من مكان آخر بما يعادل 15 دولارًا.. يعني «ما ينضحك» على أبو الجعافر بالإعلانات!
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]