غبي.. وكسول وفقير ..!

للأسف الشديد ذلك العنوان أعلاه، يتم الترويج رله بشدّة ليصبح عنواناً دائماً للسودانيين، فبعد أن روّجت جهات عديدة لها مصالحها وأجندتها «الظاهرة» و «الخفية» أن السودانيين كسالى، وسوّقت للفكرة من خلال شبكة الإنترنت التي يتعامل معها الشباب العربي أكثر من آبائهم، ومن خلال السخرية المرة من «الزول» في الأعمال الدرامية أو الغنائية الهابطة، ولم تجد كثير من الشاشات العربية ما تنقله عن غنائنا وثقافتنا غير أغنية «الترلة» وغيرها من هابط القول، وغيبت عمداً أعمالاً سودانية عظيمة كان يروّج لها السودانيون «في عز مجدهم»، مثل أغنيات الفنان الكبير وسفير الأغنية السودانية الراحل المغفور له بإذن الله الأستاذ سيد خليفة، أو فنان أفريقيا الأول المرحوم بإذن الله الأستاذ محمد وردي، الذي نقلت أغنياته بـ«المسطرة» ليتغنى بها مطربون كبار مثل الفنان النوبي الكبير محمد منير، دون الإشارة إلى «أصل» الأغنية و «فصلها»، أو أغنيات الفنان الكبير الأستاذ عبد الكريم الكابلي أمد الله في عمره وبارك له فيه.
الترويج لكسل السودانيين بين الشباب العربي أمر مقصود لأن الكبار يعرفون أن هذا الزعم والادعاء باطل وغير صحيح، فقد أسهم السودانيون في بناء كثير من الأقطار العربية، وفي بناء إنسان تلك الأقطار الشقيقة، ولم يحاول السودانيون يوماً أن يمتنوا على أشقائهم بما قدموه لهم، لأن ذلك في معتقدهم هو واجب الأخ نحو أخيه والشقيق نحو شقيقه.. لكن الأجيال التي تعرف آخذة في التراجع، وهناك أجيال جديدة لم تعش ماضي النهضة والبناء، ولم تعرف دور السودانيين الأفاضل في ذلك البناء وتلك النهضة، فكان من السهل على أصحاب الأجندات الخاصة أن يسعوا لاستغلال هذه الأجيال لتشويه صورة المواطن السوداني، الكادح، المجتهد، العفيف الأمين والذي يعتبر نموذجاً للمواطن الصالح في كل بلد عمل به وسالت منه قطرة عرق فيه.
الأمر لم يقف عند حد الكسل المزعوم، بل تعداه إلى وصف السوانيين بـ «الغباء».. أي والله، لقد وصفنا تقرير تم نشره في كثير من الصحف العربية والعالمية قبل أيام، مبني على «دراسة حديثة» نشرتها شبكة «غود نت» عن ترتيب دول العالم وفقاً لمعدلات الذكاء، وذلك باستخدام المقياس العلمي «الآي كيو» وهو ما يعرف بمتوسط نسبة الذكاء، وهو مختصر للتعريف بالإنجليزية «Intelligence Quotient» وإذا حصل الشخص من خلاله على مائة درجة فهو شخص ذكي، وكلما ارتفعت النسبة أصبح قريباً من درجة العبقرية، إذ حصل العالم الشهير «إينشتاين» على مائتي درجة.
حصلت على التقرير منذ عدة أيام، واطلعت عليه، ورأيت عدم نشره إذ أن «الفينا مكفينا» ولا يعقل أن نزيد جراحات شعبنا جراحاً جديدة بأمواس الكذب البواح الذي جعل السودانيين في آخر قائمة الذكاء العربي، كأنما نحن لسنا بأصحاب حضارات قديمة ما زالت شواهدها قائمة حتى الآن، وكأنما نحن خارج الزمن العالمي، وليس لدينا رموز عظيمة في مجالات عديدة، يعرفها الآخرون.. أما إذا كان مقياس الذكاء هو «التبذل» و «الإنحلال» و «الهشك بشك» والبعد عن السماء، فمرحباً بالغباء، لأنه مطلوب.
قضية الغباء والذكاء مرتبطة بالمكون الجيني، والشعوب الهجين دائماً ما تكون أذكى من غيرها لأنها تجمع أفضل الصفات الوراثية من طرفي التكوين «الأب والأم»، ثم هناك مؤشر مهم وهو متصل بالمكوّن البيئي إذ أن الشعوب التي لا تعيش تحت قهر الحكم المركزي القابض تكون دائماً هي الأذكى من تلك التي تعيش تحت إمرة رجل واحد ينهي ويأمر و «يحل ويربط» بينما يجلس الجميع «فراجة» ويمشي بعضهم بضرب السياط والكرابيج ليؤسسوا لحضارة الرجل الواحد!.
أما آخر ما رُمينا به، فهو تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «الفاو»، جعل من خلاله بلادنا في ذيل قائمة الدول العربية التي يعاني أهلها من الجوع وسوء التغذية!! المصيبة أن صحفنا تنشر ذلك الإسفاف.. و.. بالبنط العريض.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]