سعد الدين إبراهيم

هدية بت شاهين (محمد ولد)

[JUSTIFY]
هدية بت شاهين (محمد ولد)

ملحوظة: طلب ود الشواطين حق اللجوء وجاء في الاخبار إنه في معسكر بالسويد لذلك نعتذر عن نشر يومياته لحين عودته …

**

هدية بت شاهين في الخمسين أو تزيد قليلاً..لا يبدو ذلك عليها.. تربت وترعرعت في (بيت عز) ولانها وحيدة أمها وابوها دللاها.. ووالدها على الاخص دللها غاية العجن وعاملها كالصبي.

في بداية الصبا كانت تقود عجلة فتصايح الاطفال حولها: محمد ولد محمد ولد.. غضبت عليهم وحفظتها لهم.. حتى ان احدهم لما تقدم لخطبتها وقد أضحت كبيرة، رفضت بحجة انه كان ضمن الاولاد الذين تصايحوا حولها آنذاك، قالوا انها مثل الثعبان حقوده، وهي تعلق على ذلك بعبارة متفلسفة مؤداها: (ان السيء في طفولته سيء في رجولته) عصامية.. درست الجامعة وهي موظفة وترقت حتى وصلت لمنصب رئيس مجلس الادارة..فقد حضرت لنيل درجة الماجستير ونالتها ولم تتمكن من تحقيق شهادة الدكتوارة وهي تظن ان لزوجها الاول يد طولي في معاكستها حتى لا تتمكن من نيل ذلك.

عشية أعلن عن اسمها في ترقيتها الى منصب رئيس مجلس ادارة شركة (النماء والعدل) وذلك عبر الاذاعة والتلفزيون..سجلت النبأ على شريط بصوت المذيع.. وقد ضبطها ابن خالها الاكبر وهي تحادث المرآة وتنزل صور أزواجها السابقين الاربعة واحدة تلو الاخرى.. الذين طلقوها أو طلقتهم جميعاً.. كانت تصيح في مواجهة المرآة وتدق على صدرها بقوة أنا هدية بن شاهين..رئيس مجلس الادارة ..تضحك.. تمد لسانها للمرآة وتصيح في هستيريا.. أنا..أنا يا(منصور الدهيبات) هدية.. ما بتحطم ثم تُنزل صورته من على الجدار وتخاطبه كأنه هو وليس صورته.. دايرني خدامة يامنصور اتفقنا في الجامعة نتعاون سواء.. أنت تحضر الماجستير بعدين أنا… بعدين أنت تحضر الدكتوراة وبعدين أنا..حضرت الماجستير وحاولت تعمل نايم.. قايلني عودي طري..دايرني اخدمك (تقلده وتحاكيه) قال شنو؟ يا انا يا الماجستير!! يعني شنو؟! الماجستير يامنصور وانت يلا في ستين.. وقطر عجيب يودي ما يجيب..تضعها بقسوة بل ترميها على الارض..تتجه الى صورة (عادل ابو كهارب) زوجها الثاني وتنزلها بذات الطريقة وتخاطبها: وانت (ياتمبوشه) كنت دايرة اعمل بيك ثورة.. لانك اصغر مني ..كنت دايرة اصنع معاك مملكة ممكنة عندي، ومستحيلة عند الناس لكنك طلعت نصاب..دايرني اصرف عليك واشتري منك الشباب لا ياولد..انا هدية موقف وقضية وأنت طلعت بدون قضية.

اتخلصت منك !! كنت ما مصدق اني اتخلى عنك صغير وجاهل وكسرتك حطمتك كنت ياعادل كهارب وثن انا حطمتو..كنت نزوة. كنت ظاهرة ما صاح واتخلصت منها انتفضت فيك عقدة اوديب..وداير ترجع لي بشروطي لكني نسيت انك وثن حطمتو تضع صورته بعنف على الارض ويردد الصدى صوت زجاج يتكسر..تحمل صورة زوجها الثالث بنفس الطريقة وتخاطبه: اهلاً يا استاذ اهلاً يا حضرة المربي الفاضل..بقيت مفتش تعليم لكن ما بتعرف حاجة عن الحياة.. ارمل تقليدي قلنا معليش: فيهو شوية انتهازية قلنا معليش..بياكل بي شراهة قلنا معليش بي طريقة ما متحضرة معليش..اتكالي معليش، وصولي معليش ولكن في النهاية النتيجة شنو؟ تنزل المعاش وتسوي كرسي قماش وتشرب في القهوة تلم ندايدك وتعملوها مندبة على الماضي.. انا ما فاضية ليك مع السلامة اتفضل..ما تندهش ..يله..فتحت خشمك الشهواني اتفضل بره ما مصدق؟! لا صدق يا استاذ.. (هدية) ما دايره ترثي العمر هي حية دايرة تعيش كل دقيقة..تفكر ..تنتج وتبدع.. مع ألف سلامة غير مأسوف عليك وتضع صورته بذات القسوة..وفي أسى ممزوج بالمودة تتناول صورة الزوج الرابع وتحادثها بلا حدة وفي إلفة: يس الجزار..كنت جزار صحيح..تعليمك وقف في الثانوي العام صحيح..لكن انسان طيب..شهم ونبيل.

اتماشيت معاك..اتجرأت وبي هظار وتلميح وكناية مستترة طلبت مني الزواج وافقت بي ببساطة..وبالهزار برضو..وبقى الموضوع جد.. بكل البساطة..مالي ومال كلام الناس؟.. المهم ان اخلق جواً جديداً وعبقرية اجتماعية عالية.. وفوق هذا وذاك تجربة انسانية ثره.. ولكن يا يس الجزار..عاملني كانسانه زوجة .. لا عاملتني كاستاذة..انت بتخجل من نفسك معاي ..بتتجمل قدامي..ناسي اني اخترتك بدون تجميل..انسان قصاد انسان .. بقيت ما زوجي.. تلميذي المطيع تأكل بنظام وتنوم بنظام وتقوم بنظام وده مش طبعك.. اتحولت لي شبح انسان.. ما ممكن يايس دي ما حياة لازم ننفصل!!..وافقت حتى بدون تفكر زي الكنت محاصر بالعلاقة وداير تتخلص منها..اصبحت انا (هدية) سجنك ..حسيت بي انك زي الطلعتك من بيئتك وحولتك الى تمثال من الشمع اول حرارة ذوبتو.. وانت برضو سجنتي في الطاعة الزائدة في التقديس الموهوم في الاحترام الزايف ياحليلك يا يس الجزار..أكيد فرحت لي.. انت قلبك ابيض زي الحليب، وتضع الصورة برفق..وتنهمر في شلال من الدموع وبكاء بنحيب قاس..وتتجه الى المرأة تنتقل في غرابة من حالة البكاء الى حالة من الضحك المتصل وترن ضحكاتها في البيت الواسع الممتد.. يعيدها الصدى يبدو لها الصدى ضخماً فتتلاحق الضحكات ويتلاحق الصدى..وصدى الصدى.
[/JUSTIFY]

الصباح..رباح – آخر لحظة
[EMAIL]akhirlahzasd@yahoo.com[/EMAIL]