جمال علي حسن

إيران في بيت الطاعة..هل ننتظر “اللوتري”!

[JUSTIFY]
إيران في بيت الطاعة..هل ننتظر “اللوتري”!

في نوفمبر من كل عام يقفز على حاسوب البيت الأبيض تنبيه بأن موعد تجديد العقوبات على السودان قد حان فيضغط الموظف على الزر الأخضر.. ليمدد صلاحية القرار لعام تلو عام..وبدورها تتذكر الخارجية السودانية الموعد وتنتظر القرار الأمريكي الروتيني بتصريح صحفي رسمي من السودان يستنكر تجديد العقوبات..

ولكن شيئا مهما لا يحدث على مدى الـ17 عاما هو تجديدنا نحن السودانيين لطرح سؤال موضوعي على الحكومة وعلى أنفسنا أيضا ماهو الموقف المبدئي الخطير والكبير الذي يدفع الشعب السوداني ثمنه كل هذه السنوات راغبا أو مجبرا.. ماهو أصلا هذا الموقف وماهي أسباب بقاء تلك العقوبات..؟ أليس في رفع العقوبات مخرج لفك ضائقة البلد..؟!

السؤال لايزال قائما ولو طرحناه على الحكومة السودانية سيكون ردها كالآتي:

لا نرى مبررا للحصار الآن اللهم إلا أن تكون أسبابه ترجع (إلى اتباع الحكومة السودانية النهج الإسلامي طريقاً للحكم، وأنها غير حليفة لإسرائيل، وأنها كانت تؤوي أسامة بن لادن، هذا إضافة إلى تمردالحكومة السودانية على المجتمع الدولي واتخاذها منهجاً استقلالياً بعيداً عن بيت الطاعة الأمريكي..)

كل أمتكم العربية تقول إنها ضد إسرائيل أما النهج الإسلامي طريقا للحكم.. فهو جملة غير مقنعة لأحد لأن أمريكا كانت حليفة للمملكة العربية السعودية التي تطبق الشريعة الإسلامية بحق وحقيقة، وحتى حين اختلفت الأمور وتراجعت مستويات العلاقات بين أمريكا والمملكة العربية السعودية مؤخرا جدا لم يكن ذلك بسبب رفض السعودية التخلي عن تطبيق الأحكام الإسلامية ولا حتى رفضها السماح للمرأة بقيادة السيارة.. لأن أمريكا لم تطالبها بذلك أصلا.. وأمريكا كانت مع الرئيس مرسي قبل الانقلاب عليه (باسطة على لبن)بل كان التعاون بينها وبين النظام الإخواني المصري يمضي بخطوات جيدة..

قضية احتضان ابن لادن انتهت بالتعاون اللاحق بين أجهزة المخابرات في موضوع الإرهاب..

بالنسبة لتمرد الحكومة السودانية على المجتمع الدولي وطرد المنظمات والمنهج الاستقلالي وما يسمى ببيت الطاعة الأمريكي..لا نعرف للإنقاذ قرارا أو موقفا خطيرا احتاجت فيه بشكل ملح لاستقلالية رأيولم تتوافر تلك الاستقلالية إلا بمعاداة العالم.. قولوا لنا موقفا واحدا أو محكا سياديا مقنعا.. لا شيء..أولا طرد المنظمات يمكن أن ينعكس الموقف تماما ولا يضير شيئا فبدلا عن الطرد يتحول إلى تقديم دعوات للحضور لمن يريد أن يحقق ويتحقق من الأمور أن يأتي ويرى بنفسه طالما أن الحكومة تقول ليس عندها ماتخاف عليه وكذلك حكاية بيت الطاعة وهذه الأناشيد والأهازيج الوهمية.. أي بيت طاعة هذا الذي ندفع ثمن عدم دخولنا إليه جوعا ومرضا وعطشا وعدم استقرار..؟! أليس هو نفس بيت الطاعة الذي دخلته أمس إيران وفاجأت العالم مهرولة نحوه باتفاق التراجع عن النووي..لمصلحة شعبها ولفك الضائقة الاقتصادية عليها وللانفتاح على العالم..

قلنا في مقال سابق إن إيران تمضي نحو الغرب بقوة وإنها حين تدخل منظومة العالم لن تحرص على تفقد أحوال من ناصروها أو تحالفوا معها وبالفعل تحقق هذا الحديث وعادت إيرانلأمريكا ولم ولن تتوقعوا منها أن تقدم أوراقكم وتبحث لكم حتى عن فرصة للمنافسة في (لوتري أمريكا)..بعد أن نالت في جنيف الـ(القرين كارت).. ودخلت في (شلة) العالم..

المشكلة ليست كما تدعون وليستفي هذه الأوهام المشكلة في السياسة الخارجية السودانية المتخبطة التي لا تعرف ماذا تريد ولا تعرف كيف تحسن حساباتها وحسابات الربح والخسارة مع العالم والمشكلة في القرارات السياسية غير المبررة وغير المفهوم لها معنى..

لا مبرر واحد لعزلة السودان عن العالم لكنها لن تنتهي طالما أن السلطة تتمسك بتفاصيلمثل طرد المنظمات وتتمسك بأوهام لا تملك هي نفسها تفسيرا أو شرحا لها مثل استقلالية الموقف.. أي موقف هذا الذي تريدون أن تتمتعوا فيه بالاستقلالية..؟ لا شيء إطلاقا.. هناك ترتيبات محدودة يجب أن تقوم الحكومة السودانية بإنجازها قبل أن تطالب أمريكا بفك الحصار.. ولو عند كرتي ما يستحيل التنازل عنه من مطلوبات لفك الحصار فلينورنا به حتى نقتنعونتحمل.. فك الحصار الأمريكي قرار جاهز وقد أدت الحكومة فيه الشوط الأصعب بلامقابل بتعاونها في موضوع الإرهاب وبقبولها بنيفاشا ولم يتبق إلا مواقف لا معنى لها وعموميات لا تفسير لها لكن من الضروري الإقرار بقبولها أولا قبل أن تطالبوهم بفك الحصار..

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي