عبد الجليل سليمان

ثلاثية.. الجوع والرقص والنفي


[JUSTIFY]
ثلاثية.. الجوع والرقص والنفي

في أوقات متقاربة ومتآزرة ارتطمت تصريحات وزير المالية علي محمود القائلة بأن حكومته (علمت) الشعب السوداني أكل البيتزا في إشارة منه إلى رغد العيش والحياة الناعمة التي يتمرغ فيها السودانيون في عهده المجيد، ارتطمت تلك التصريحات بما كشف عنه وزير الدولة بالداخلية بابكر أحمد دقنة عن انقراض رهط من مجموعة البجا في قرى بولاية كسلا بسبب انتشار مرض الدرن (السل) المتفشي هناك، وأن بعض القرى من ولاية كسلا لم تشهد حالات ولادة منذ 5 سنوات تقريباً .

وما بين بيتزا المالية، و(سل) الداخلية، قلنا ننتظر ريثما يتبين الخيط الأبيض من الأسود وتغطي الحقيقة على الخديعة، فإذا بتقرير صادر عن الصحة يقول بارتفاع نسبة الوفيات بين الأطفال نتيجة لسوء التغذية، وأن نسبة تقدر بـ73 من كل 1000 مولود يموتون سنوياً بسبب نقص الغذاء.

وقبل أن يجف مداد تقرير الصحة، يأتينا تقرير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة ليقول إن السودان احتل المرتبة 74 من بين 78 دولة على مستوى العالم، واحتل المركز الأخير عربياً بين الدول التي يعاني سكانها من الجوع.

بالطبع وكالعادة وكما هو متوقع وصف الأمين العام لاتحاد مزراعي السودان – التقرير بأنه غير صحيح، لكنه عاد ليقول إنه (أي التقرير) صحيح في الجزئية المتعلقة بتدني إنتاج القمح في البلاد. و(لله الحمد والمنة من قبل ومن بعد) أن أكد الأمين العام الآن ما نفاه الآن.

على كلٍّ، ظلت الحكومة منخرطة في نفي متواصل لكل شيء، يقولون إن ثمة حركة (قيد الفعل) في شرق السودان، فتنفي. يقولون الناس لا يجدون قوت يومهم في وسط العاصمة الخرطوم وفي المناطق التي كانت توصف بأحزمة الإنتاج الكبير مثل الجزيرة، القضارف، والنيل الأزرق، فتنفي. يقولون إن سلالات بشرية في شرق السودان مهددة بالانقراض جراء (السل) الناجم عن الجوع، فتنفي.. يقولون وتنفي ثم يقولون وتنفي.

وهكذا، وما أن يشرق فجر صبح جديد حتى يتأكد للجميع و(الأمثلة على قفا من يشيل)، أن كل ما تنفيه الحكومة هو الحقيقة، هي لا تنفي إلاّ الحقائق، تنفيها ثم تذهب مباشرة إلى (الميتة) مثل إسرائيل تؤجج الصراع في درافور، قرار رسمي بحظر إقامة حفلات تخرج طلاب الجامعات بالصالات والأندية، والأمريكان رقصوا مع بناتنا. وكل هذه الأخبار سيتم نفيها لاحقاً، كما أن حفلات التخريج ستقام في الأندية، والأمريكان سيرقصون في وسط الخرطوم.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي