البشير وسلفا كير… زيارات برتوكولية أم عملية؟
وبالرغم من أن اللقاءات المتكررة بين الرئيسين دائماً ما تثمر عن نتائج، لكنهما دائماً ما يفشلان في تنفيذها على أرض الواقع، وذلك ربما لتركها على طاولة اللجان المشتركة. ومن أبرز القضايا التي حسمها الطرفان وحظيت بالتنفيذ قضية الجنسية والمواطنة ووضعية القوات المشتركة والعاملين بالقوات النظامية والخدمة المدنية، وهي مرتبطة جميعها بقضية المواطنة. أما على صعيد القضايا الاقتصادية ورغم الاتفاق على استمرار تداول العملة المشتركة في الدولتين لفترة انتقالية لا تقل عن 6 أشهر، إلا أن هذا الاتفاق تعرض لانهيار بعد أقل من أسبوعين على استقلال جنوب السودان، وخاض الطرفان غمار حرب اقتصادية طاحنة، استخدما فيها العملة كسلاح اقتصادي فعال بعد الاتهامات التي وجهتها جوبا للشمال، بعدم منحها تغطيات مالية لتسيير أوضاع دولتها مما دفعها لإصدار عملة جديدة.
وقد لعبت جملة من العوامل دورا في إحداث انفراج في العلاقات بين الجانبين وخلق مناخ مواتٍ لتحسين حالة الاحتقان والتوتر التي كانت تغلف العلاقة بين جنوب وشمال السودان. ويرى بعض المراقبين أن النفط كان في كثير من الأحيان العامل الأساس لتحفيز الطرفين ودفعهما للتقارب والبحث عن أرضية مشتركة بينهما، بسبب ارتباط ميزانيتي الشمال والجنوب بعائداته، ولعل ما يؤكد هذا الأمر هو استمرار تدفق الصادرات النفطية، واستخدامه لمنشآت النفط لحين توصلهما لاتفاق مستقبلي. وأوضح الناطق الرسمي باسم وزارة خارجية جنوب السودان إن زيارة سلفا كير ميارديت ستناقش عدداً من الملفات على رأسها تنفيذ اتفاقية التعاون المشتركة بين الدولتين، إضافة إلى قضية إعفاء ديون السودان، بجانب مناقشه قضية أبيي، وأوضح أن الزيارة ستتطرق إلى الصراع الدائر في الجنوب وجهود السودان في الإيقاد لحل الأزمة.
وأضاف أن الزيارة من شأنها أن تعزز من مسيرة التعاون المشترك بين البلدين وتهدف إلى تنفيذ اتفاقيات التعاون وتعد فرصة لبحث كل الملفات العالقة بين الجانبين، وأن يسعى الجانبان إلى تنفيذ اتفاق التعاون بين البلدين، واصفاً العلاقات بين السودان وجنوب السودان بأنها جيدة وأن هناك تفاهماً بين الرئيس عمر البشير والفريق سلفا كير لدفع العلاقات إلى الأفضل وإنفاذ التعاون المشترك، وأشار إلى أن هناك تحركاً على مستوى وزيري الخارجية في البلدين بشأن إعفاء ديون السودان. فيما يرى المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر أن الزيارات بين الرؤساء دائماً ما تهدف إلى تهدئة الأجواء بين البلدين أو تغيير المناخ السائد أو إعطاء فرصة لتدابير جديدة.
والسودان اليوم لديه اجتماعات في أديس أبابا بشأن العمليات السلمية في إفريقيا والعالم، وإفريقيا مهتمة بما يجري في داخلها من صراعات وتجميعها في بوتقة واحدة لإنهاء تلك الصراعات، مؤكداً أن كل ذلك لا يأتي بمعزل عن ما يدور في جنوب السودان أو المشكلات القبلية والقضايا المرتبطة بقرار الأمم المتحدة «2046». وقال خاطر إن الزيارة تقع في محاور ثلاثة، وهي تغيير المناخ أو اتجاهات الرأي أو خلق تدابير محددة من أجل أن تمضي البلاد إلى الأمام، موضحاً أن الزيارة لها بعدها الإقليمي والدولي. وأرجع خاطر عدم تنفيذ الاتفاقيات إلى عدم تهيئة المناخ بصورة مناسبة للتنفيذ، مؤكداً أن تنفيذ الاتفاقيات يتطلب تهيئة الأجواء.
فيما يرى د. الفاتح محجوب المحلل السياسي أن الزيارة محاولة لعدم السماح للمشكلات للمرور بين الدولتين وإزالة التوتر بينهما، وقال إن سلفا لديه مهمة إستراتيجية وهي الحفاظ على بقاء السودان دولة محايدة في الصراع الدائر في دولته، وعدم دعم السودان لمشار وهذا وحده كاف له، فيما يرى أن البترول يمثل للسودان بعداً إستراتيجياً، لهذا يعمل على المحافظة على استقرار الجنوب وأن يكون منطقة آمنة. ونفى الفاتح أن تكون الزيارات غير مثمرة لأن الدولتين لديهما مصالح مشتركة وعلاقات إستراتيجية عسكرية واقتصادية تعتمد على إبقاء الطرف الآخر محايداً. وقال إن عدم تنفيذ الاتفاقيات يعود إلى الإشكاليات الأمنية، مشيراً إلى أن السودان سمح للنازحين الجنوبيين بالدخول دون تأشيرات أو بطاقة وهذا إيماناً منه بأهمية المحافظة على العلاقة بين الدولتين، مؤكداً أن دولة الجنوب لم تصل إلى مرحلة التوازن. أخيراً ربما تعد هذه الزيارة بمثابة بداية فعلية لفتح صفحة جديدة في علاقات الدولتين وطي صفحة من الخلافات كانت وما زالت تغلف العلاقة بين شطري السودان.
صحيفة الانتباهة
منى النور
ت.إ[/JUSTIFY]