ماذا لو عثر إنسان في الخرطوم ؟
جاء في الأثر، عن أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه، أنه قال: (لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله تعالى عنها: لم لم تمهد لها الطريق يا عمر).
ونحن هنا لا نخاطب رئيس الدولة عمر، وإنما نخاطب من فّوضهم ليسوسوا الناس ويحكموا بينهم، كل حسب مسؤوليته، وننقل خطابنا مباشرة إلى معتمد محلية كرري صعوداً إلى والي الخرطوم، فالذي حدث كبير، وربّما يحدث كل يوم، والسلطات المحلية في (غفوة) نخشى أن تصبح (نومة عميقة) طالما أن مصائب الناس لا توقظ من تم تكليفهم برعايتهم والوقوف على شأنهم العام.
يوم الخميس الماضي، كان الموماطن علي محمد توفيق، وهو موظف دولة سابق أحيل إلى التقاعد، كان والسيّدة الفضلى حرمه، في سوق (صابرين) بمحلية كرري، وما أدراك ما (صابرين) إن لم تكن قد رأيتها، فهي سوق ومحطة، وملتقى طرق، وفوضى، وكان الرجل قادماً من الحلفايا، حيث يقيم قريباً من نهاية كوبري (الحلفايا/ الحتانة) ، وفي نيته زيارة إحدى شقيقاته التي تقيم في مدينة «الثورة» بمحلية كرري.
تقدّم الرجل زوجته بعد أن وصل إلى محطة صابرين، وصار يسير جاهداً يحاول تفادي كميات المياه الكبيرة، المنتشرة والمتمددة في الشارع، والتي تجيء من المطاعم المنتشرة على جانبي الطريق.. ورغم ذلك الحذر الشديد إلا أنه لم يحمه من الإنزلاق والسقوط في الشارع، وسط دهشة المارة وأصحاب المحلات. سقط ولم يتمكن من النهوض مرة أخرى، سعى إليه (أولاد الحلال) يحاولون مساعدته، لكنه كان في حالة غيبوبة، لم يفق منها إلا بعد فترة، وكان يشعر- كما قال لاحقاً- بخدر شديد، في بعض أجزاء جسده، وآلام لا تحتمل في أجزاء أخرى، وشلل تام في ساقه اليسرى.
بعد محاولات ومساعدات تم نقل الرجل المصاب إلى منزل شقيقته المريضة عن طريق (ركشة) رفض سائقها أن يتقاضى أجراً، وقد تعاطف مع الرجل الكبير المصاب.. وبعد وصوله إلى منزل شقيقته ومع سوء حالته العامة قرر أهله نقله إلى مستشفى النيل الأزرق بأم درمان، وهناك تم إكتشاف ثلاثة كسور في عظمة الفخذ، وخضع لإشراف طبي دقيق، وقرر أطباؤه المعالجون إجراء عملية جراحية عاجلة، وتركيب مسطرة في الفخذ.. وقد أجريت العملية بنجاح كبير تحت إشراف أحد كبار إختصاصيي جراحة العظام، وهو البروفيسور عمار الطيب، ومعه فريقه المساعد، وتنفس أهل المصاب الصعداء، ورفعوا أكفهم إلى السماء حمداً لله وشكراً له على ما أنعم به على مصابهم من تعافٍ وشفاء.
المنطق يقول إن الإصابة ناتجة عن إهمال في سحب المياه الآسنة والراكدة من قبل المحلية، ويقول أيضاً- المنطق- إن الدولة هي المسؤولة عن علاج مثل هذه الحالة، خاصة وإن المصاب رجل كبير ومعاشي يعاني مثل مئات الآلاف من المعاشيين في كل جوانب العيش.
الصورة والحدث والمأساة نهديها كما هي للسيد معتمد كرري، وللسيد والي ولاية الخرطوم، وقد تحدث مثلها أحداث أخرى مشابهة وتقع أكثر من واقعة، وذاكرة المجتمع تستدعي مقولة أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب، التي بدأنا بها هذه المادة.
إرحموا من في الأرض، يرحمكم من في السماء.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]