خبير ألماني: الاغتصاب جزء من استراتيجية تنظيم “داعش”
يُتّهم تنظيم “الدولة الإسلامية” بخطف وتعذيب آلاف الإيزيديين في في جبال سنجار شمالي العراق. ماذا يعني ذلك بالنسبة للنساء والفتيات؟
توماس فون دير أوستن زاكن: بالنسبة للفتيات والنساء اللواتي تعرضن للإختطاف، فهذا يعني أنه سيتم بيعهن أو ستغلالهن جنسياً من طرف أعضاء تنظيم “الدولة الإسلامية”. في الأسابيع الأخيرة تمكن بعض الفتيات والنساء من الفرار من أسْر التنظيم. رواياتهن حول ما عايشناه هناك يفوق ما يمكن أن يتصوره الإنسان. إنه شبيه بفيلم رعب. وحسب متابعاتي الخاصة، أعرف أن مقاتلي التنظيم تركوا لبعض الفتيات هواتفهن المحمولة. وهكذا قد يكون باستطاعة العائلة الاتصال عبر الهاتف بالأخت أو الأم أوالابنة في حال إن تمكنت من الفرار وتقيم بأحد مراكز اللجوء في كردستان العراق. فالعائلة تتحدث مباشرة مع البنت أو الفتاة المعنية أو يقوم أحد أعضاء التنظيم بالرد على المكالمة، ويصف بتفصيل ما هو بصدد القيام به تجاه تلك الفتاة أو المرأة. تحدثت شخصياً مع رجال داخل مخيمات اللجوء، لايزالون على تواصل مع مختطفات من عائلاتهم. والواضح أن هذا يشكل جزءا من حملة الرعب التي يمارسها تنظيم “الدولة الإسلامية”.
ذكرت أن بعض الشابات تمكّن من الفرار. فكيف نجحن في ذلك وأين يتواجدن الآن؟
توماس فون دير أوستن زاكن: بعضهن تظاهرن باعتناق الإسلام. نعرف أن اللإيزيديين هم اتباع الزراديشتية في الشرق الأوسط، وهم لا يعتبرون أنفسهم ملسمين. ولهذا السبب لايعتبرهم تنظيم “الدولة الإسلامية” من أهل الكتاب (أتباع الديانات السماوية). ويُنظر إليهم على أساس أنهم في درجات سفلى من المجتمع، وعلى أن القانون لا يحميهم. فبالنسبة للرجال الذين لم يعتنقوا الإسلام فوراً، تم اعدامهم في عين المكان. أما النساء فيعتبرن فرائس للإستغلال الجنسي. بعضن تمكن من الفرار لأنهن أوضحن لمقاتلي التنظيم بأنهمن اعتنقن الإسلام. أما بالنسبة للبعض الآخر فقد تم بيعهن مقابل فدية في أسواق النخاسة التي يرجح أن يكون التنظيم قد فتحها في الموصل. وتمكنت أخريات من الفرار أثناء علمية القصف التي قام بها التحالف الدولي ضد التنظيم الإسلامي. غير أن عددهن قليل.
وإلى حد الآن استطاعت بضع عشرات النساء والفتيات من تحرير انفسهن، فتوجهن إلى كردستان العراق وسيعدن إلى عائلاتهن في حال تمكن هذه الأخير من النجاة، وأيضاً عندما يتم التعرف على تلك العائلات، بعد الكارثة التي تعرض لها الإيزيديين شهر أغسطس الماضي.
كيف يتم استقبال النساء العائدات هناك؟
توماس فون دير أوستن زاكن: فيما يتعلق بموضوعي الشرف والحياة الجنسية عند الطائفة الإيزيدية ، فإن فطريقة تعاملها محافظة أيضاً، كما هو الشأن بالنسبة لجيرانها المسلمين. ففي واقع الأمر، المرأة الإيزيدية تمس شرف عائلتها عندما تربط علاقة جنسية خارج مؤسسة الزواج أو تدخل في علاقة جنسية مع شخص خارج الطائفة الإيزيدية. إن ذلك يتسبب في صراعات كبيرة داخل الطائفة. ففي الماضي حدث في العراق – وأيضاً في ألمانيا – ما يسمى بجرائم الشرف في صفوف عائلات إيزيدية، وكان الهدف من وراءها إعادة ترسيخ شرف العائلة. بالنسبة للعائلات، يصعب عليها جداً التعامل مع الاستغلال الجنسي بسبب التقاليد والدين. وبالنسبة للقياديين الإيزيديين وأيضاً المرشدين الروحيين الإيزيديين، فقد أكدوا الآن ولعدة مرات بأن فتياتهم لايتحملن ذنب الاستغلال الجنسي الذي تعرضن له من طرف مقاتلي التنظيم الإسلامي. وطالب أولئك الزعماء العائلات باستقبال الفتيات ومعانقتهن. لكن الإنسان يعرف طبعاً الصراعات الكامنة خلف ذلك، عندما تظهر أولى حالات الحمل غير المرغوب فيها، خصوصا إذا علمنا أن حالات الحمل قامت من منطلق الاغتصاب كسلاح في الحرب، كما حدث في البوسنة في التسعينيات من القرن الماضي وفي بنغلاديش في بدايات السبعينيات من القرن الماضي.
أشرت الآن إلى مناطق نزاع أخرى تم استخدام الاغتصابات الجماعية فيها كاستراتيجية حرب. هل ينهج تنظيم “الدولة الإسلامية” نفس تلك الإستراتيجية أيضا؟.
توماس فون دير أوستن زاكن:من الواضح جداً أنهم يقومون بذك ضد الإيزيديين والمسيحيين والأقليات الأخرى. فتلك الفتيات اللواتي تبلغ أعمارهن تسع سنوت فما فوق، تشكل ببساطة فرائس جنسية لمقاتلي التنظيم، حسب تفسيرهم للقرآن. والهدف طبعاً وراء ذلك هو نشر الرعب والخوف على كل الأصعدة. فإلى جانب أشكال الاستغلال الجنسي، يقومون أيضاً بقطع الرؤوس وتنفيذ عمليات الاعدام. فكل من يقاتل تنظيم “الدولة الإسلامية” أو كل من يدرج التنظيم في لائحة أعدائه، يتملكه خوف كبير من هؤلاء المقاتلين الهمجيين الذي يعتبرون أنفسهم أسيادا. فالاستغلال الممنهج للفتيات والنساء الإيزيديات أو بدرجة أقل للنساء المسيحيات أو السنيات، تهدف بطبيعة الحال إلى تدمير تلك الطوائف والمجموعات من الداخل، في مجتمع يركز على الفتاة والمرأة كرمز للعفة والطهارة. فالتنظيم يريد تدمير ذلك الشرف وتلك العائلات.
توماس فون دير أوستن زاكن هو رئيس منظمة WADIللمساعدات الإنسانية. وهو ينشط في العراقمنذ 1990. وتدعم المنظمة مشاريع في الشرق الأوسط لدعم حقوق الإنسان خصوصاً من بين النساء والأطفال والشباب.
DW
ي.ع