ضد الـ “مع” و “الضد
كثيرا ما نهتم برصد أصداء تصريحات تحالف قوى المعارضة خاصة حين يعاد نشرها في المواقع الإلكترونية التفاعلية وشبكات التواصل.. وبالتركيز على مواقع معروفة بمزاجها المعارض للإنقاذ وللإسلاميين تكتشف أن هناك حالة ثالثة، ليست مؤيدة لا للحكومة ولا للمعارضة كما إنها ليست جميعها طريقا ثالثا له رؤية واضحة أو معالم رؤية تحتاج إلى تطوير..
نعم بعضهم طريق ثالث ويمكن أن نركب جميعا في قاطرته لو تحملت بالرؤية الثاقبة وبالأفكار الوطنية المتعافية.
لكنني لا أعني هؤلاء بل أراقب نشاط حالة من حالات المعارضة ضد خصم غير معلوم.. ضد كل طرح وكل فكرة.. مجموعة تلعن المعارضة بلغة أصعب وأقسى من اللغة التي تلعن بها الحكومة وكل الذي تقدمه في سياق نقدها فكرة واحدة فقط اسمها زوال هذا النظام.. وربما بنفس الشعار وبنفس الحدة ستتحول لعنة هؤلاء للنظام الذي سيأتي بعده.. هكذا هي الفكرة.. وهي فكرة متهورة تماما وخالية من المضمون.. هي قذيفة صاروخية تنتهي مهمتها بسقوطها وانفجارها فقط.
وكنت حين أطالع تفاعلات هذه الحالة مع تصريح رسمي أتفهم الموقف.. وحين أرصد نفس هذه الأنفاس والأقلام مع تصريح صادر عن إسلاميي المؤتمر الشعبي من المعارضة أستوعب الموقف أيضا باعتبار أن هناك من ينظر للوطني والشعبي نظرة واحدة أنهما في نهاية الأمر مشاركان في انقلاب 89 وجزء من صناعه..
وحين تتكرر نفس الحالة اللاعنة والشاتمة لحزب الأمة والصادق المهدي بنفس اللغة التي أخذ منها الآخرون نصيبهم من الشتم أقول قد يكون ذلك مفهوما ومقدرا بحكم مواقف سياسية مرصودة من هؤلاء لحزب الأمة تجعله داخل دائرة الاشتباه في التعاون والتساهل مع النظام..
ولكن حين صدر تصريح من تحالف قوى المعارضة على لسان يوسف حسين الناطق باسم الحزب الشيوعي وحزب البعث والاتحادي الأصل والناصريين.. تصريح مشترك بلسان هؤلاء جميعهم حول التشكيل الوزاري ووصفهم له على أنه محاولة اقتسام الغنائم وتأديتهم عبر التصريح لأعلى مراتب النقد الحاد جدا للحكومة والناسف لكل ما تفعله.. حين وجدت هذا التصريح لم أكد أصبر حتى فرغت من مطالعته بلهفة وشوق لمطالعة تعليقات القراء عليه في أحد المواقع الإلكترونية المعارضة مائة في المائة والداعية صباح مساء إلى إسقاط النظام.. ماذا كانت تعليقاتهم..
والله شتموهم حد الشتم ووصفوهم بالتآمر والضعف وكل الأوصاف التي تشكك وتنسف وجودهم.. وبغبن لم أتوقعه.. شتم مزبد تخاف أن يسقط صاحب هذا الشتم من شدة الانفعال مغشيا عليه..!!
هذه الحالة طبعا ليست حالة سياسية بالتأكيد.. لكنها تأخذ في الاتساع والانتشار بلا فكرة ولا هدى.. حالة أعلى من كونها حالة حرب فالحرب محددة الأطراف لكنها حالة انهيار وتشتت وفقدان بوصلة وفقدان أعصاب حتى وفقدان قدرة على التركيز وإدراك ما يقوم به الشخص من سلوك تعبيري..
حالة تحتاج إلى دراسة وتستحق التعامل معها برفق لأنهم ضحايا الأزمة السودانية، فعلا لهم موقفهم الموضوعي والنفسي من الحكومة وللحكومة دور في صنع هذه الحالة ولكن لهم موقفهم أيضا من النخبة السياسية المعارضة وهي كذلك تتحمل مسؤولية هذه الدرجة من الانهيار واليأس والإحباط الذي تسبب في صناعة هذه الحالة التي كنت أتمنى أن أتمكن من وصفها بأنها تيار سياسي جديد لكنني وللأسف أرى أنها حالة حمل خارج الرحم..!!
[/JUSTIFY]جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي